[كِتَابُ الصَّلَاةِ]
ِ وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي اسْمِ الصَّلَاةِ: هَلْ هُوَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمَنْقُولِ عَنْ مُسَمَّاهَا فِي اللُّغَةِ، أَوْ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي اللُّغَةِ، أَوْ أَنَّهَا تَصَرَّفَ فِيهَا الشَّارِعُ تَصَرُّفَ أَهْلِ الْعُرْفِ، فَهِيَ بِالنِّسْبَةِ إلَى اللُّغَةِ مَجَازٌ، وَبِالنِّسْبَةِ إلَى عُرْفِ الشَّارِعِ حَقِيقَةٌ، عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ.
وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يُغَيِّرْهَا وَلَكِنْ اسْتَعْمَلَهَا مُقَيَّدَةً لَا مُطْلَقَةً كَمَا تُسْتَعْمَلُ نَظَائِرُهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: ٩٧] فَذَكَرَ بَيْتًا خَاصًّا، فَلَمْ يَكُنْ لَفْظُ الْحَجِّ مُتَنَاوِلًا لِكُلِّ قَصْدٍ، بَلْ لِقَصْدٍ مَخْصُوصٍ دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ نَفْسُهُ، وَمَنْ كَانَ قَبْلَنَا كَانَتْ لَهُمْ صَلَاةٌ لَيْسَتْ مُمَاثِلَةً لِصَلَاتِنَا فِي الْأَوْقَاتِ وَالْهَيْئَاتِ.
وَلَا تَلْزَمُ الشَّرَائِعُ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، فَعَلَى هَذَا لَا تَلْزَمُ الصَّلَاةُ حَرْبِيًّا أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَا يَعْلَمُ وُجُوبَهَا، وَالْوَجْهَانِ فِي كُلِّ مَنْ تَرَكَ وَاجِبًا قَبْلَ بُلُوغِ الشَّرْعِ كَمَنْ لَمْ يَتَيَمَّمْ لِعَدَمِ الْمَاءِ لِظَنِّهِ عَدَمَ الصِّحَّةِ، أَوْ لَمْ يُزَكِّ، أَوْ أَكَلَ حَتَّى تَبَيَّنَ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ لِظَنِّهِ ذَلِكَ، أَوْ لَمْ تُصَلِّ مُسْتَحَاضَةٌ، وَالْأَصَحُّ: لَا قَضَاءَ وَلَا إثْمَ إذَا لَمْ نَقْصِدْ اتِّفَاقًا لِلْعَفْوِ عَنْ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ وَمَنْ عَقَدَ عَقْدًا فَاسِدًا مُخْتَلَفًا فِيهِ بِاجْتِهَادٍ أَوْ تَقْلِيدٍ، وَاتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ لَمْ يُؤْمَرْ بِرَدِّهِ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِلنَّصِّ وَكَذَلِكَ النِّكَاحُ إذَا بَانَ لَهُ خَطَأُ الِاجْتِهَادِ أَوْ التَّقْلِيدِ، وَقَدْ انْقَضَى الْمُفْسِدُ لَمْ يُفَارِقْ وَإِنْ كَانَ الْمُفْسِدُ قَائِمًا فَارَقَهَا.
بَقِيَ النَّظَرُ فِيمَنْ تَرَكَ الْوَاجِبَ، وَفَعَلَ الْمُحَرَّمَ لَا بِاعْتِقَادٍ وَلَا بِجَهْلٍ يُعْذَرُ فِيهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute