فَجَمِيعُ الْأَبْنِيَةِ تَدْخُلُ فِي مُسَمَّى الْمَدِينَةِ، وَمَا خَرَجَ عَنْ أَهْلِهَا فَهُوَ مِنْ الْأَعْرَابِ أَهْلِ الْعَمُودِ.
وَالْمُنْتَقِلُ مِنْ الْمَدِينَةِ مِنْ نَاحِيَةٍ إلَى نَاحِيَةٍ لَيْسَ بِمُسَافِرٍ، وَلَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، وَلَكِنَّ هَذِهِ مَسَائِلُ اجْتِهَادٍ، فَمَنْ فَعَلَ مِنْهَا بِقَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُهْجَرْ.
وَهَكَذَا اخْتَلَفُوا فِي الْجَمْعِ وَالْقَصْرِ هَلْ يُشْتَرَطُ لَهُ نِيَّةٌ؟ فَالْجُمْهُورُ لَا يَشْتَرِطُونَ النِّيَّةَ، كَمَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَهُوَ مُقْتَضَى نُصُوصِهِ.
وَالثَّانِي: تُشْتَرَطُ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَكَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ كَالْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَمَنْ عَمِلَ بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ.
[سَفَر يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَقْصُرَ فِيهِ وَيُفْطِرَ]
٢٨٧ - ٢٠٣ - سُئِلَ: عَنْ سَفَرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَقْصُرَ فِيهِ وَيُفْطِرَ أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: هَذَا فِيهِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ وَالْفِطْرُ فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، كَمَا قَصَرَ أَهْلُ مَكَّةَ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَرَفَةَ، وَمُزْدَلِفَةَ، وَعَرَفَةَ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مَسِيرَةُ بَرِيدٍ؛ وَلِأَنَّ السَّفَرَ الْمُطْلَقَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
[مَسْأَلَةٌ مُسَافِر مَقْصُودُهُ أَنَّ يُقِيم شَهْرًا أَوْ أَكْثَرَ فَهَلْ يُتِمُّ الصَّلَاةَ]
٢٨٨ - ٢٠٤ - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ مُسَافِرٍ إلَى بَلَدٍ، وَمَقْصُودُهُ أَنَّهُ يُقِيمُ مُدَّةَ شَهْرٍ أَوْ أَكْثَرَ فَهَلْ يُتِمُّ الصَّلَاةَ أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: إذَا نَوَى أَنْ يُقِيمَ بِالْبَلَدِ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا قَصَرَ الصَّلَاةَ، كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ.
فَإِنَّهُ أَقَامَ بِهَا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ،. وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَفِيهِ نِزَاعٌ.
وَالْأَحْوَطُ أَنْ يُتِمَّ الصَّلَاةَ.
وَأَمَّا إنْ قَالَ غَدًا أُسَافِرُ، أَوْ بَعْدَ غَدٍ أُسَافِرُ، وَلَمْ يَنْوِ الْمُقَامَ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ أَبَدًا، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَقَامَ بِمَكَّةَ بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، وَأَقَامَ بِتَبُوكَ عِشْرِينَ لَيْلَةً يَقْصُرُ الصَّلَاةَ» .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.