وَأَحْمَدَ، وَلَا أَصْحَابِهِمْ الَّذِينَ أَدْرَكُوهُمْ، كَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَالْمُزَنِيِّ، وَالْبُوَيْطِيِّ، وَابْنِ الْقَاسِمِ، وَابْنِ وَهْبٍ، وَإِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ الْأَثْرَمِ، وَأَبِي دَاوُد، وَغَيْرِهِمْ. لَمْ يُفْتِ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنَّمَا أَفْتَى بِهَا طَائِفَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ بَعْدَ هَؤُلَاءِ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ جُمْهُورُ الْأُمَّةِ، كَأَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَأَحْمَدَ، وَكَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَكَانَ الْغَزَالِيُّ يَقُولُ بِهَا، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهَا، وَبَيَّنَ فَسَادَهَا.
وَقَدْ عُلِمَ مِنْ دِينِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ نِكَاحَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَكُونُ كَنِكَاحِ النَّصَارَى، وَالدُّورُ الَّذِي تَوَهَّمُوهُ فِيهَا بَاطِلٌ، فَإِنَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْمُنَجَّزُ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ، وَهُوَ إنَّمَا يَقَعُ لَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ صَحِيحًا، وَالتَّعْلِيقُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ اشْتَمَلَ عَلَى مُحَالٍ فِي الشَّرِيعَةِ، وَهُوَ وُقُوعُ طَلْقَةٍ مَسْبُوقَةٍ بِثَلَاثٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ مُحَالٌ فِي الشَّرِيعَةِ، وَالتَّسْرِيجُ يَتَضَمَّنُ لِهَذَا الْمُحَالِ فِي الشَّرِيعَةِ، فَيَكُونُ بَاطِلًا.
وَإِذَا كَانَ قَدْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ فِيمَا بَعْدَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَلْيُمْسِكْ امْرَأَتَهُ، وَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ فِيمَا مَضَى، وَيَتُوبُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتَ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا، فَطَلَّقَهَا وَقَعَ الْمُنَجَّزُ عَلَى الرَّاجِحِ، وَلَا يَقَعُ مَعَهُ الْمُعَلَّقُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ وَهُوَ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى عَدَدِ الطَّلَاقِ، وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ. وَقِيلَ: لَا يَقَعُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الْمُنَجَّزِ يَقْتَضِي وُقُوعَ الْمُعَلَّقِ، وَوُقُوعُ الْمُعَلَّقِ يَقْتَضِي عَدَمَ وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ، وَهَذَا الْقَوْلُ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ، وَابْنُ سُرَيْجٍ بَرِيءٌ مِمَّا نُسِبَ إلَيْهِ فِيمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ.
[مَسْأَلَةٌ تَزَوَّجَ عَتِيقَةَ بَعْضِ بَنَاتِ الْمُلُوكِ بِغَيْرِ إذْنِ مُعْتِقِهَا]
٤٧٤ - ٧٦ - مَسْأَلَةٌ: فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ عَتِيقَةَ بَعْضِ بَنَاتِ الْمُلُوكِ الَّذِينَ يَشْتَرُوا الرَّقِيقَ مِنْ مَالِهِمْ وَمَالِ الْمُسْلِمِينَ، بِغَيْرِ إذْنِ مُعْتِقِهَا، فَهَلْ يَكُونُ الْعَقْدُ صَحِيحًا أَمْ لَا؟ الْجَوَابُ: أَمَّا إذَا أَعْتَقَتْهَا مِنْ مَالِهَا عِتْقًا شَرْعِيًّا، فَالْوِلَايَةُ لَهَا بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَهِيَ الَّتِي تَرِثُهَا، ثُمَّ أَقْرَبُ عَصَبَاتِهَا مِنْ بَعْدِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute