زَوْجِهَا، وَحَقُّهَا لَا يَسْقُطُ بِظُلْمِ أَبِيهَا وَأَخِيهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] .
فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا يَظْلِمُ زَوْجَتَهُ وَجَبَ إقَامَةُ الْحَقِّ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَحِلَّ لِلْآخَرِ أَنْ يَظْلِمَ زَوْجَتَهُ لِكَوْنِهَا بِنْتًا لِلْأَوَّلِ، وَإِذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَظْلِمُ زَوْجَتَهُ لِأَجْلِ ظُلْمِ الْآخَرِ فَيَسْتَحِقُّ كُلٌّ مِنْهُمَا الْعُقُوبَةَ، وَكَانَ لِزَوْجَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ تَطْلُبَ حَقَّهَا مِنْ زَوْجِهَا، وَلَوْ شُرِطَ هَذَا فِي النِّكَاحِ لَكَانَ هَذَا شَرْطًا بَاطِلًا مِنْ جِنْسِ نِكَاحِ الشِّغَارِ، وَهُوَ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ أُخْتَهُ أَوْ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ بِنْتَه أَوْ أُخْتَهُ، فَكَيْفَ إذَا زَوَّجَهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَنْصَفَهَا أَنْصَفَ الْآخَرُ، وَإِنْ ظَلَمَهَا ظَلَمَ الْآخَرُ زَوْجَتَهُ، فَإِنَّ هَذَا يَحْرُمُ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ اسْتَحَقَّ الْعُقُوبَةَ الَّتِي تَزْجُرُهُ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ.
[مَسْأَلَةٌ وَكَّلَ ذِمِّيًّا فِي قَبُولِ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ]
٤٤٨ - ٥٠ - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ وَكَّلَ ذِمِّيًّا فِي قَبُولِ نِكَاحِ امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ، هَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ؟ .
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا نِزَاعٌ فَإِنَّ الْوَكِيلَ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ قَبُولُهُ النِّكَاحَ لِنَفْسِهِ فِي الْجُمْلَةِ، فَلَوْ وَكَّلَ امْرَأَةً، أَوْ مَجْنُونًا، أَوْ صَبِيًّا غَيْرَ مُمَيِّزٍ لَمْ يَجُزْ، وَلَكِنْ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ قَبُولُ النِّكَاحِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ الْقَبُولُ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ، فَوُكِّلَ فِي ذَلِكَ، مِثْلُ أَنْ يُوَكِّلَ عَبْدًا فِي قَبُولِ النِّكَاحِ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ، أَوْ يُوَكِّلَ سَفِيهًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ، أَوْ يُوَكِّلَ صَبِيًّا مُمَيِّزًا بِدُونِ وَلِيِّهِ، فَهَذَا فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ.
وَإِنْ كَانَ يَصِحُّ مِنْهُ قَبُولُ النِّكَاحِ بِغَيْرِ إذْنٍ، لَكِنْ فِي الصُّورَةِ الْمُعَيَّنَةِ لَا يَجُوزُ لِمَانِعٍ فِيهِ، مِثْلُ أَنْ يُوَكِّلَ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ تَزَوُّجُهَا صَحَّتْ الْوَكَالَةُ.
وَأَمَّا تَوْكِيلُ الذِّمِّيِّ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ لَهُ، فَهُوَ يُشْبِهُ تَزْوِيجَ الذِّمِّيِّ ابْنَتَهُ الذِّمِّيَّةَ مِنْ مُسْلِمٍ، وَلَوْ زَوَّجَهَا مِنْ ذِمِّيٍّ جَازَ، وَلَكِنْ إذَا زَوَّجَهَا مِنْ مُسْلِمٍ فَفِيهَا قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute