للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فِيمَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَكٌّ فِي جَوَازِ الْقَصْرِ فَأَرَادَ الِاحْتِيَاطَ]

سُئِلَ: عَنْ رَجُلٍ جُرِّدَ إلَى الْخَرِبَةِ لِأَجْلِ الْحُمَّى وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُقِيمُ مُدَّةَ شَهْرَيْنِ. فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ؟ وَإِذَا جَازَ لَهُ الْقَصْرُ. فَالْإِتْمَامُ أَفْضَلُ أَمْ الْقَصْرُ؟

أَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، مِنْهُمْ مَنْ يُوجِبُ الْإِتْمَامَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُوجِبُ الْقَصْرَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ كِلَاهُمَا سَائِغٌ فَمَنْ قَصَرَ لَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ، وَمَنْ أَتَمَّ لَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ.

وَكَذَلِكَ تَنَازَعُوا فِي الْأَفْضَلِ: فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَكٌّ فِي جَوَازِ الْقَصْرِ فَأَرَادَ الِاحْتِيَاطَ، فَالْإِتْمَامُ أَفْضَلُ، وَأَمَّا مَنْ تَبَيَّنَتْ لَهُ السُّنَّةُ، وَعَلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَشْرَعْ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُصَلِّيَ إلَّا رَكْعَتَيْنِ، وَلَمْ يَحُدَّ السَّفَرَ بِزَمَانٍ أَوْ بِمَكَانٍ، وَلَا حَدَّ الْإِقَامَةَ أَيْضًا بِزَمَنٍ مَحْدُودٍ، لَا ثَلَاثَةٌ، وَلَا أَرْبَعَةٌ، وَلَا اثْنَا عَشَرَ، وَلَا خَمْسَةَ عَشَرَ، فَإِنْ يَقْصُرْ.

كَمَا كَانَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ السَّلَفِ يَفْعَلُ، حَتَّى كَانَ مَسْرُوقٌ قَدْ، وَلَّوْهُ وِلَايَةً لَمْ يَكُنْ يَخْتَارُهَا فَأَقَامَ سِنِينَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ.

وَقَدْ أَقَامَ الْمُسْلِمُونَ بِنَهَاوَنْدَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ، وَكَانُوا يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ مَعَ عِلْمِهِمْ أَنَّ حَاجَتَهُمْ لَا تَنْقَضِي فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَلَا أَكْثَرَ.

كَمَا أَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ، وَأَقَامُوا بِمَكَّةَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ يُفْطِرُونَ فِي رَمَضَانَ.

وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا فَتْحَ مَكَّةَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَحْتَاجُ أَنْ يُقِيمَ بِهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ.

وَإِذَا كَانَ التَّحْدِيدُ لَا أَصْلَ لَهُ، فَمَا دَامَ الْمُسَافِرُ مُسَافِرًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، وَلَوْ أَقَامَ فِي مَكَان شُهُورًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، كَتَبَهُ أَحْمَدُ بْنُ تَيْمِيَّةَ.

[مَسْأَلَةٌ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ أَفْضَلُ أَمْ الْقَصْرُ]

٢٩٠ - ٢٠٦ - مَسْأَلَةٌ:

هَلْ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ أَفْضَلُ أَمْ الْقَصْرُ؟ وَمَا أَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ؟ وَمَا حُجَّةُ كُلٍّ مِنْهُمْ؟ وَمَا الرَّاجِحُ مِنْ ذَلِكَ؟

الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. بَلْ فِعْلُ كُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا أَفْضَلُ، إذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ حَاجَةٌ إلَى الْجَمْعِ، فَإِنَّ غَالِبَ صَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّتِي كَانَ يُصَلِّيهَا فِي السَّفَرِ إنَّمَا يُصَلِّيهَا فِي أَوْقَاتِهَا.

وَإِنَّمَا كَانَ الْجَمْعُ مِنْهُ مَرَّاتٍ قَلِيلَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>