للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بَابُ الْوَكَالَةِ]

ِ قَالَ الْقَاضِي فِي ضِمْنِ مَسْأَلَةِ بَقَاءِ الْوَكِيلِ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ: فَأَمَّا إنْ أَخْرَجَ الْمُوَكَّلَ فِيهِ عَنْ مِلْكِهِ مِثْلَ إعْتَاقِهِ الْعَبْدَ وَبَيْعِهِ فَإِنَّهُ تَنْفَسِخُ الْوَكَالَةُ بِذَلِكَ، فَفَرَّقَ بَيْنَ الْمَوْتِ وَبَيْنَ الْعِتْقِ وَالْمَبِيعِ بِأَنَّ حُكْمَ الْمِلْكِ هُنَا قَدْ زَالَ، وَهُنَاكَ السِّلْعَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ بَاقِيَةٌ عَلَى حُكْمِ مَالِكِهَا، وَمَا قَالَهُ الْقَاضِي فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الِانْتِقَالَ بِالْمَوْتِ أَقْوَى مِنْهُ بِالْبَيْعِ وَالْعِتْقِ فَإِنَّ هَذَا يُمْكِنُ الْمُوَكِّلُ الِاحْتِرَازَ عَنْهُ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ عَزْلِهِ بِالْقَوْلِ وَذَلِكَ زَالَ الْمِلْكُ فِيهِ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِذَا تَصَرَّفَ بِلَا إذْنٍ وَلَا مِلْكٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ وَكِيلًا أَوْ مَالِكًا فَفِي صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ وَجْهَانِ، كَمَا لَوْ تَصَرَّفَ بَعْدَ الْعَزْلِ وَلَمْ يَعْلَمْ فَلَوْ تَصَرَّفَ بِإِذْنٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الْإِذْنَ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ وَالْمَالِكُ أَذِنَ لَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَوْ أَذِنَ بِنَاءً عَلَى جِهَةٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَمْلِكُ الْإِذْنَ بِهَا بَلْ بِغَيْرِهَا أَوْ بِنَاءً أَنَّهُ مَالِكُ شِبْرٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ وَارِثًا، فَإِنْ قُلْنَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِي الْأَوَّلِ فَهَاهُنَا أَوْلَى، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَصِحُّ هُنَاكَ فَقَدْ يُقَالُ يَصِحُّ هُنَا لِأَنَّهُ كَانَ مُبَاحًا لَهُ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ، لَكِنَّ الَّذِي اعْتَقَدَهُ ظَاهِرٌ لَيْسَ هُوَ الْبَاطِلَ، فَنَظِيرُهُ إذَا اعْتَقَدَ أَنَّهُ مُحْدِثٌ فَتَطَهَّرَ ثُمَّ تَبَيَّنَ فَسَادَ طَهَارَتِهِ، وَأَنَّهُ كَانَ مُتَطَهِّرًا قَبْلَ هَذَا، وَلَوْ وَكَّلَ شَخْصًا أَنْ يُوَكِّلَ لَهُ فُلَانًا فِي بَيْعٍ وَنَحْوِهِ، فَقَالَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ لِلْوَكِيلِ الثَّانِي: بِعْ هَذَا وَلَمْ يَشْعُرْ أَنَّهُ وَكِيلُ الْمُوَكِّلِ.

قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: سُئِلْت عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقُلْت: نِسْبَةُ أَنْوَاعِ التَّوْكِيلِ وَالْمُوَكِّلِينَ إلَى الْوَكِيلِ كَنِسْبَةِ أَنْوَاعِ التَّمْلِيكِ وَالْمُمَلِّكِينَ إلَى الْمِلْكِ، ثُمَّ لَوْ مَلَكَ شَيْئًا لَمْ يَحْتَجْ أَنْ يَتَبَيَّنَ هَلْ هُوَ وَكِيلُهُ أَوْ وَكِيلُ فُلَانٍ، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِمَا مُخْتَلِفًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُوَكِّلِ وَالْمُمَلِّكِ (نُقِلَ) هَاهُنَا فِي رَجُلٍ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ ثَوْبًا يَبِيعُهُ فَبَاعَهُ وَأَخَذَ الثَّمَنَ فَوَهَبَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ دِرْهَمًا فَإِنَّ الضَّمَانَ عَلَى الَّذِي بَاعَ الثَّوْبَ، فَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّ مَا حَصَلَ لِلْوَكِيلِ مِنْ زِيَادَةٍ فَهِيَ لِلْبَائِعِ وَمَا نَقَصَ فَهُوَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ قَبْلَ لُزُومِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ إذَا لَمْ يَلْزَمْهُ، وَالْوَكِيلُ فِي الضَّبْطِ وَالْمَعْرِفَةِ مِثْلُ مَنْ وَكَّلَ رَجُلًا فِي كِتَابَةِ مَالِهِ وَمَا عَلَيْهِ كَأَهْلِ الدِّيوَانِ فَقَوْلُهُ أَوْلَى بِالْقَبُولِ مِنْ وَكِيلِ التَّصَرُّفِ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَى نَفْسِ الْأَخْبَارِ بِمَالِهِ وَمَا عَلَيْهِ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ نَافِعَةٌ وَنَظِيرُ إقْرَارِ كِتَابِ الْأُمَرَاءِ وَأَهْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>