للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِينَ لَا يُؤَدُّونَ الْوَاجِبَاتِ وَلَا يَتْرُكُونَ الْمُحَرَّمَاتِ، سَوَاءٌ كَانَ عَاقِلًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُولِهًا أَوْ مُتَوَلِّهًا، فَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ أَحَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ، وَحِزْبِهِ الْمُفْلِحِينَ، وَعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، وَجُنْدِهِ الْغَالِبِينَ السَّابِقِينَ الْمُقَرَّبِينَ وَالْمُقْتَصِدِينَ، الَّذِينَ يَرْفَعُ اللَّهُ دَرَجَاتِهِمْ بِالْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ، مَعَ كَوْنِهِ لَا يُؤَدِّي الْوَاجِبَاتِ، وَلَا يَتْرُكُ الْمُحَرَّمَاتِ، كَانَ الْمُعْتَقِدُ لِوِلَايَةِ مِثْلِ هَذَا كَافِرًا مُرْتَدًّا عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ؛ غَيْرِ شَاهِدٍ لِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بِأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ هُوَ مُكَذِّبٌ لِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا شَهِدَ بِهِ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا أَخْبَرَ عَنْ اللَّهِ أَنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ هُمْ الْمُتَّقُونَ الْمُؤْمِنُونَ.

قَالَ تَعَالَى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: ٦٢] {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس: ٦٣] ، وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣] ، وَالتَّقْوَى أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَلَى نُورٍ مِنْ اللَّهِ، يَرْجُو رَحْمَةَ اللَّهِ، وَأَنْ يَتْرُكَ مَعْصِيَةَ اللَّهِ عَلَى نُورٍ مِنْ اللَّهِ، يَخَافُ عَذَابَ اللَّهِ، وَلَا يَتَقَرَّبُ وَلِيُّ اللَّهِ إلَّا بِأَدَاءِ فَرَائِضِهِ ثُمَّ بِأَدَاءِ نَوَافِلِهِ. قَالَ تَعَالَى: «مَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ» . كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْإِلَهِيِّ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

[فَصْلٌ أَحَبّ الْأَعْمَالِ إلَى اللَّهِ وَأَعْظَم الْفَرَائِضِ عِنْدَهُ]

فَصْلٌ: وَمِنْ أَحَبِّ الْأَعْمَالِ إلَى اللَّهِ وَأَعْظَمِ الْفَرَائِضِ عِنْدَهُ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ فِي مَوَاقِيتِهَا، وَهِيَ أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَلَيْهَا الْعَبْدُ مِنْ عَمَلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهِيَ الَّتِي فَرَضَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِنَفْسِهِ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ، لَمْ يَجْعَلْ فِيهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ وَاسِطَةً، وَهِيَ عَمُودُ الْإِسْلَامِ، الَّذِي لَا يَقُومُ إلَّا بِهِ، وَهِيَ أَهَمُّ أَمْرِ الدِّينِ، كَمَا كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَكْتُبُ إلَى عُمَّالِهِ: «إنَّ أَهَمَّ أَمْرِكُمْ عِنْدِي الصَّلَاةُ وَمَنْ حَفِظَهَا وَحَافَظَ عَلَيْهَا حَفِظَ دِينَهُ، وَمَنْ ضَيَّعَهَا كَانَ لِمَا سِوَاهَا مِنْ عَمَلِهِ أَشَدَّ إضَاعَةً» . وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» ، وَقَالَ: «الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>