لَا يَحْضُرُ قَلْبُهُ وَفَهْمُهُ، وَيَلْعَبُ عَلَيْهِ الْوَسْوَاسُ وَالْفِكْرُ، كَمَا أَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَجْتَمِعُ قَلْبُهُ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَفَهْمِهِ وَتَدَبُّرِهِ مَا لَا يَجْتَمِعُ فِي الصَّلَاةِ، بَلْ يَكُونُ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ.
وَلَيْسَ كُلُّ مَا كَانَ أَفْضَلَ يُشْرَعُ لِكُلِّ أَحَدٍ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ يُشْرَعُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا هُوَ أَفْضَلُ لَهُ.
فَمِنْ النَّاسِ مَنْ تَكُونُ الصَّدَقَةُ أَفْضَلَ لَهُ مِنْ الصِّيَامِ وَبِالْعَكْسِ، وَإِنْ كَانَ جِنْسُ الصَّدَقَةِ أَفْضَلَ، وَمِنْ النَّاسِ مِنْ يَكُونُ الْحَجُّ أَفْضَلَ لَهُ مِنْ الْجِهَادِ، كَالنِّسَاءِ، وَكَمَنْ يَعْجِزُ عَنْ الْجِهَادِ، وَإِنْ كَانَ جِنْسُ الْجِهَادِ أَفْضَلَ، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْحَجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِيفٍ» وَنَظَائِرُ هَذَا مُتَعَدِّدَةٌ. إذَا عُرِفَ هَذَانِ الْأَصْلَانِ عُرِفَ بِهِمَا جَوَابُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ.
إذَا عُرِفَ هَذَا، فَيُقَالُ الْأَذْكَارُ الْمَشْرُوعَةُ فِي أَوْقَاتٍ مُتَعَيِّنَةٍ مِثْلَ: مَا يُقَالُ عِنْدَ جَوَابِ الْمُؤَذِّنِ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي تِلْكَ الْحَالِ، وَكَذَلِكَ مَا سَنَّهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يُقَالُ عِنْدَ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ، وَإِتْيَانِ الْمُضْطَجَعِ هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ.
وَأَمَّا إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ فَالْقِرَاءَةُ لَهُ أَفْضَلُ إذَا أَطَاقَهَا، وَإِلَّا فَلْيَعْمَلْ مَا يُطِيقُ، وَالصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنْهُمَا، وَلِهَذَا نَقَلَهُمْ عِنْدَ نَسْخِ وُجُوبِ قِيَامِ اللَّيْلِ إلَى الْقِرَاءَةِ فَقَالَ: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: ٢٠] الْآيَةُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ مَعْنَى الرِّضَا]
٣٢٢ - ١٠ - مَسْأَلَةٌ:
فِيمَا ذَكَرَ الْأُسْتَاذُ الْقُشَيْرِيُّ فِي بَابِ الرِّضَا، عَنْ الشَّيْخِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ قَالَ: الرِّضَا أَنْ لَا يَسْأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَسْتَعِيذَ مِنْ النَّارِ، فَهَلْ هَذَا الْكَلَامُ صَحِيحٌ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute