للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِجْمَاعِ لَا يَكُونُ خَرْقًا لِلْإِجْمَاعِ، وَقَالَ فِي الْجَوَابِ عَنْ الْمُعَارَضَةِ، وَأَمَّا الْمُعَارَضَةُ الْخَامِسَةُ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ الْوُجُوهِ السَّمْعِيَّةِ فَالْجَوَابُ عَنْهَا حَرْفٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنَّا لَا نُنَازِعُ فِي إطْلَاقِ لَفْظِ الْقُرْآنِ وَكَلَامِ اللَّهِ عَلَى هَذِهِ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ فَهُوَ إنَّمَا يُفِيدُ حُدُوثَ الْقُرْآنِ بِهَذَا التَّفْسِيرِ وَذَلِكَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا نَحْنُ بَعْدَ ذَلِكَ نَدَّعِي صِفَةً قَائِمَةً بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَدَّعِي قِدَمَهَا.

وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ تِلْكَ الصِّفَةَ يَسْتَحِيلُ وَصْفُهَا بِكَوْنِهَا عَرَبِيَّةً وَعَجَمِيَّةً وَمُحْكَمَةً وَمُتَشَابِهَةً، لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْكَلَامِ الَّذِي حَاوَلُوا إثْبَاتَ حُدُوثِهِ فَنَحْنُ لَا نُنَازِعُهُمْ فِي حُدُوثِهِ، وَالْكَلَامُ الَّذِي نَدَّعِي قِدَمَهُ لَا يَجْرِي فِيهِ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ وَاحِدٌ]

ثُمَّ قَالَ فِي الْأَصْلِ الْعَاشِرِ الَّذِي هُوَ فِي الْكَلَامِ عَلَى بَقِيَّةِ الصِّفَاتِ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ مِنْهُ.

الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي بَيَانِ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ وَاحِدٌ الْمَشْهُورُ اتِّفَاقُ الْأَصْحَابِ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ نَقَلَ أَبُو الْقَاسِمِ الْإسْفَرايِينِيّ مِنَّا عَنْ بَعْضِ قُدَمَاءِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُمْ أَثْبَتُوا لِلَّهِ خَمْسَ كَلِمَاتٍ، الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْخَبَرُ وَالِاسْتِخْبَارُ وَالنِّدَاءُ. قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ إمَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ فِيهَا مَعَ الْقَوْلِ بِنَفْيِ الْحَالِ أَوْ مَعَ الْقَوْلِ بِإِثْبَاتِهِ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ ضُعِّفَتْ الْمَسْأَلَةُ جِدًّا، لِأَنَّ وُجُودَ كُلِّ شَيْءٍ عَيَّنَ حَقِيقَتَهُ فَإِذَا كَانَتْ حَقِيقَةُ الطَّلَبِ مُخَالِفَةً لِحَقِيقَةِ الْخَبَرِ كَانَ وُجُودُ الطَّلَبِ مُخَالِفًا لِوُجُودِ الْخَبَرِ أَيْضًا إذْ لَوْ اتَّحَدَا فِي الْوُجُودِ مَعَ اخْتِلَافِهِمَا فِي الْحَقِيقَةِ كَانَ الْوُجُودُ غَيْرَ الْحَقِيقَةِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي إثْبَاتَ الْأَحْوَالِ لَا يُقَالُ لَا نُسَلِّمُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ خَبَرًا وَطَلَبًا حَقَائِقَ مُخْتَلِفَةً، بَلْ حَقِيقَةُ الْكَلَامِ هُوَ الْخَبَرُ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ طَلَبَ مِنْ غَيْرِهِ فِعْلًا أَوْ تَرْكًا فَقَدْ أَخْبَرَ ذَلِكَ الْغَيْرَ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْعَلْهُ لَعَاقَبَهُ أَوْ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْعَاقِلِ الْإِحْلَالُ وَمَنْ اسْتَفْهَمَ فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ يَطْلُبُ مِنْهُ الْإِفْهَامَ وَإِذَا صَارَ الْكَلَامُ كُلُّهُ خَبَرًا زَالَ الْإِشْكَالُ، لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ هَذَا شَيْءٌ لِأَنَّهُ حَقِيقَةُ الطَّلَبِ مُغَايِرَةٌ لِحَقِيقَةِ حُكْمِ الذِّهْنِ بِنِسْبَةِ أَمْرٍ إلَى أَمْرٍ وَتِلْكَ الْمُغَايَرَةُ مَعْلُومَةٌ بِالضَّرُورَةِ وَلِهَذَا يَتَطَرَّقُ التَّصْدِيقُ وَالتَّكْذِيبُ إلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ قَالَ وَإِنْ تَكَلَّمْنَا عَلَى الْقَوْلِ بِالْحَالِ فَيَجِبُ أَنْ يُنْظَرَ فِي أَنَّ الْحَقَائِقَ الْكَثِيرَةَ هَلْ يَجُوزُ أَنْ تَتَّصِفَ بِوُجُودٍ وَاحِدٍ أَمْ لَا، فَإِنْ قُلْنَا بِجَوَازِ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الصِّفَةُ الْوَاحِدَةُ حَقَائِقَ مُخْتَلِفَةً وَإِلَّا بَطَلَ الْقَوْلُ بِذَلِكَ.

وَأَنَا إلَى الْآنِ لَمْ يَتَّضِحْ لِي فِيهِ دَلِيلٌ لَا نَفْيًا وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>