صَحِيحٌ فَعَلَى هَذَا يَحِلُّهَا النِّكَاحُ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أُخْتٍ ثُمَّ مَاتَتْ الْأُخْتُ قَبْلَ مُفَارَقَتِهَا فَأَمَّا لَوْ تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّةٍ أَوْ عَلَى أُخْتٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا مَعَ قِيَامِ الْمُفْسِدِ فَهُنَا مَوْضِعُ نَظَرٍ فَإِنَّ هَذَا النِّكَاحَ لَا يَثْبُتُ بِهِ التَّوَارُثُ وَلَا يَحْكُمُ فِيهِ بِشَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَحِلَّ لَهُ قَالَ أَصْحَابُنَا وَمَنْ غَابَتْ مُطَلَّقَتُهُ الْمُحَرَّمَةُ ثُمَّ ذَكَرَتْ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ مَنْ أَصَابَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ وَأَمْكَنَ ذَلِكَ فَلَهُ نِكَاحُهَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا وَإِلَّا فَلَا.
وَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ذَكَرَتْ أَنَّهُ كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَطَلَّقَهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَزَوُّجُهَا وَتَزْوِيجُهَا وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَلَا يُقَالُ إنَّ ثُبُوتَ إقْرَارِهَا بِالنِّكَاحِ يُوجِبُ تَعَلُّقَ حَقِّ الزَّوْجِ بِهَا فَلَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا حَتَّى يَثْبُتَ زَوَالُهُ وَنَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي الطَّلَاقِ إذَا كَتَبَ إلَيْهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا لَمْ تَتَزَوَّجْ حَتَّى يَثْبُتَ الطَّلَاقُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِلْمَرْأَةِ زَوْجٌ فَادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا لَمْ تَتَزَوَّجْ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَسْأَلَةُ هُنَا فِيمَا إذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ مَنْ أَصَابَهَا وَطَلَّقَهَا وَلَمْ تُعَيِّنْهُ فَإِنَّ النِّكَاحَ لَمْ يَثْبُتْ لِمُعَيَّنٍ بَلْ لِمَجْهُولٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ عِنْدِي مَالٌ لِشَخْصٍ وَسَلَّمْته إلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالِاتِّفَاقِ فَكَذَلِكَ قَوْلُهَا كَانَ لِي زَوْجٌ وَطَلَّقَنِي وَسَيِّدِي أَعْتَقَنِي وَلَوْ قَالَتْ تَزَوَّجَنِي فُلَانٌ وَطَلَّقَنِي فَهُوَ كَالْإِقْرَارِ بِالْمَالِ وَادِّعَاءِ الْوَفَاءِ وَالْمَذْهَبُ لَا يَكُونُ إقْرَارًا.
[بَابُ الْإِيلَاءِ]
وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ وَغَيَّا بِغَايَةٍ لَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ خُلُوُّ الْمُدَّةِ مِنْهَا فَخَلَتْ مِنْهَا فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا هَلْ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْغَايَةِ وَقْتَ الْيَمِينِ أَوْ يَكْفِي ثُبُوتُهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِذَا لَمْ يَفِئْ وَطَلَّقَ بَعْدَ الْمُدَّةِ أَوْ طَلَّقَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ لَمْ يَقَعْ إلَّا طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ فَإِذَا رَاجَعَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَطَأَ عَقِبَ هَذِهِ الرَّجْعَةِ إذَا طَلَبَتْ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا يُمْكِنُ مِنْ الرَّجْعَةِ إلَّا بِهَذَا الشَّرْطِ وَلِأَنَّ اللَّهَ إنَّمَا جَعَلَ الرَّجْعَةَ لِمَنْ أَرَادَ إصْلَاحًا بِقَوْلِهِ: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا} [البقرة: ٢٢٨] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute