للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَبَيَّنَ بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا كَانَ سَائِلًا بِلِسَانِهِ وَمُشْرِفًا إلَى مَا يُعْطَاهُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْبَلَهُ، إلَّا حَيْثُ تُبَاحُ لَهُ الْمَسْأَلَةُ وَالِاسْتِشْرَافُ، وَأَمَّا إذَا أَتَاهُ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَلَا إشْرَافٍ فَلَهُ أَخْذُهُ إنْ كَانَ الَّذِي أَعْطَاهُ حَقَّهُ كَمَا أَعْطَى النَّبِيُّ عُمَرَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ عَمِلَ لَهُ فَأَعْطَاهُ عِمَالَتَهُ، وَلَهُ أَنْ لَا يَقْبَلَهُ كَمَا فَعَلَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ الْقَبُولِ وَالنِّزَاعُ مَشْهُورٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ أَعْطَاهُ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ قَبِلَهُ وَكَانَ مِنْ غَيْرِ إشْرَافٍ لَهُ عَلَيْهِ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَأَمَّا الْغَنِيُّ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُكَافِئَ بِالْمَالِ مَنْ أَسْدَاهُ إلَيْهِ لِخَبَرِ «مَنْ أَسْدَى إلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا لَهُ مَا تُكَافِئُوهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ» .

[مَسْأَلَةٌ وَهَبَ لِزَوْجَتِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ]

٨١٠ - ٣٢ - مَسْأَلَةٌ: فِي رَجُلٍ وَهَبَ لِزَوْجَتِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ بِهَا حُجَّةً يُقْبِضُهَا شَيْئًا وَمَاتَتْ، وَقَدْ طَالَبَهُ وَرَثَتُهَا بِالْمَبْلَغِ، فَهَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ؟ .

الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا فِي ذِمَّتِهِ شَيْءٌ قَبْلَ ذَلِكَ لَا هَذَا الْمَبْلَغُ أَوْ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَبْلَغُ عِوَضًا عَنْهُ، مِثْلَ: أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخَذَ بَعْضَ صَالِحِهَا عَنْ قِيمَتِهِ بِهَذَا الْمَبْلَغِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ وَرَثَتُهَا شَيْئًا مِنْ هَذَا الدَّيْنِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَإِنْ كَانَ إقْرَارَهُ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ دَيْنَ هَذَا الْإِقْرَارِ يُخَالِفُ ظَاهِرَهُ، وَإِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْمُقِرِّ وَالْمُقَرِّ لَهُ بِأَنَّ هَذَا إقْرَارُ تَلْجِئَةٍ فَلَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَلَوْ كَانَ قِيمَةُ مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ مَالِهَا أَقَلَّ مِنْ هَذَا الْمَبْلَغِ، فَصَالَحَهَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَفِي لُزُومِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ تُبْطِلُهُ طَوَائِفُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَيُصَحِّحُهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ لَهُ أَوْلَادٌ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ فَنَحَلَ الْبَنَاتِ دُونَ الذُّكُورِ]

٨١١ - ٣٣ - مَسْأَلَةٌ:

فِي رَجُلٍ لَهُ أَوْلَادٌ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ فَنَحَلَ الْبَنَاتِ دُونَ الذُّكُورِ قَبْلَ وَفَاتِهِ فَهَلْ يَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>