كَانَ مُقِرًّا كَمَا لَوْ قَالَهُ بِالْإِضَافَةِ، وَمَنْ رَأَى رَجُلًا يَفْجُرُ بِأَهْلِهِ جَازَ لَهُ قَتْلُهُمَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَسَوَاءٌ كَانَ الْفَاجِرُ مُحْصَنًا أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ أَمْ لَا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَصْحَابِ وَفَتَاوَى الصَّحَابَة وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ دَفْعِ الصَّائِلِ كَمَا ظَنَّهُ بَعْضُهُمْ بَلْ هُوَ مِنْ عُقُوبَةِ الْمُعْتَدِينَ الْمُؤْذِينَ.
وَأَمَّا إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ وَلَمْ يَفْعَلْ بَعْدُ فَاحِشَةً وَلَكِنْ دَخَلَ لِأَجْلِ ذَلِكَ فَهَذَا فِيهِ نِزَاعٌ وَالْأَحْوَطُ لِهَذَا أَنْ يَتُوبَ مِنْ الْقَتْلِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَمَنْ طُلِبَ مِنْهُ الْفُجُورُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ الصَّائِلَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِالْقَتْلِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ.
فَإِنْ ادَّعَى الْقَاتِلُ أَنَّهُ صَالَ عَلَيْهِ وَأَنْكَرَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ فَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ مَعْرُوفًا بِالْبِرِّ وَقَتَلَهُ فِي مَحَلٍّ لَا رِيبَةَ فِيهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْقَاتِلِ، وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْفُجُورِ وَالْقَاتِلُ مَعْرُوفًا بِالْبِرِّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَاتِلِ مَعَ يَمِينِهِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِالتَّعَرُّضِ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ.
[بَابُ اسْتِيفَاءِ الْقَوَدِ وَالْعَفْوِ عَنْهُ]
ُ وَالْجَمَاعَةُ الْمُشْتَرِكُونَ فِي اسْتِحْقَاقِ دَمِ الْمَقْتُولِ الْوَاحِدِ، إمَّا أَنْ يَثْبُتَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بَعْضُ الِاسْتِيفَاءِ فَيَكُونُونَ كَالْمُشْتَرِكِينَ فِي عَقْدٍ أَوْ خُصُومَةٍ وَتَعْيِينُ الْإِمَامِ قَوِيٌّ كَمَا يُؤْجَرُ عَلَيْهِمْ لِنِيَابَتِهِ عَنْ الْمُمْتَنِعِ.
وَالْقُرْعَةُ إنَّمَا شُرِعَتْ فِي الْأَصْلِ إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مُسْتَحِقًّا أَوْ كَالْمُسْتَحِقِّ وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يُقَدَّمَ الْأَكْثَرُ حَقًّا أَوْ الْأَفْضَلُ لِقَوْلِهِ كَبِرَ وَكَالْأَوْلِيَاءِ فِي النِّكَاحِ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا -: هُنَا مَنْ تَقَدَّمَ بِالْقُرْعَةِ قَدَّمَتْهُ وَلَمْ تَسْقُطْ حُقُوقُهُمْ وَيُتَوَجَّهُ إذَا قُلْنَا لَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَخْذُ الدِّيَةِ إلَّا بِرِضَا الْجَانِي أَنْ يَسْقُطَ حَقَّهُ بِمَوْتِهِ كَمَا لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ الْجَانِي أَوْ الْمَكْفُولُ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ثَوَابٍ وَأَبِي الْقَاسِمِ وَأَبِي طَالِبٍ وَيُتَوَجَّهُ ذَلِكَ وَإِنْ قُلْنَا لِوَاجِبِ الْقَوَدِ عَيْنًا أَوْ أَحَدِ شَيْئَيْنِ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ عَدِيلُ الْعَفْوِ. فَأَمَّا الدِّيَةُ مَعَ الْهَلَاكِ فَلَا، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعَاقَبَ الْمَجْنُونُ بِقَتْلٍ وَلَا قَطْعٍ لَكِنْ يُضْرَبُ عَلَى مَا فَعَلَ لِيُزْجَرَ. وَكَذَا الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ يُعَاقَبُ عَلَى الْفَاحِشَةِ تَعْزِيرًا بَلِيغًا.
قَالَ أَصْحَابُنَا: وَإِنْ وَجَبَ لِعَبْدٍ قِصَاصٌ أَوْ تَعْزِيرُ قَذْفٍ فَطَلَبُهُ وَإِسْقَاطُهُ إلَيْهِ دُونَ سَيِّدِهِ وَيُتَوَجَّهُ أَنْ لَا يَمْلِكَ إسْقَاطَهُ مَجَّانًا كَالْمُفْلِسِ وَالْوَرَثَةُ مَعَ الدُّيُونِ الْمُسْتَغْرِقَةِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَكَذَلِكَ الْأَصْلُ فِي الْوَصِيِّ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَمْلِكَ السَّيِّدُ تَعْزِيرَ الْقَذْفِ إذَا مَاتَ الْعَبْدُ إلَّا إذَا طَالَبَ كَالْوَارِثِ وَيُفْعَلُ بِالْجَانِي عَلَى النَّفْسِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute