وَفِي لَفْظٍ: هَلْ عَهِدَ إلَيْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إلَى النَّاسِ فَنَفَى ذَلِكَ، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ عَنْهُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ ادَّعَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَصَّهُ بِعِلْمٍ فَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهِ.
وَمَا يَقُولُهُ بَعْضُ الْجُهَّالِ أَنَّهُ شَرِبَ مِنْ غُسْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَوْرَثَهُ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، مِنْ أَقْبَحِ الْكَذِبِ الْبَارِدِ، فَإِنَّ شُرْبِ غُسْلِ الْمَيِّتِ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ وَلَا شَرِبَ عَلِيٌّ شَيْئًا، وَلَوْ كَانَ هَذَا يُوجِبُ الْعِلْمَ لَشَرِكَهُ فِي ذَلِكَ كُلُّ مَنْ حَضَرَ، وَلَمْ يَرْوِ هَذَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَكَذَلِكَ مَا يُذْكَرُ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ بَاطِنٌ امْتَازَ بِهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَغَيْرِهِمَا، فَهَذَا مِنْ مَقَالَاتِ الْمَلَاحِدَةِ الْبَاطِنِيَّةِ وَنَحْوِهِمْ الَّذِينَ هُمْ أَكْفَرُ مِنْهُمْ، بَلْ فِيهِمْ مِنْ الْكُفْرِ مَا لَيْسَ فِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، كَاَلَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ إلَهِيَّتَهُ وَنُبُوَّتَهُ، وَأَنَّهُ كَانَ أَعْلَمَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ كَانَ مُعَلِّمًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْبَاطِنِ، وَنَحْوُ هَذِهِ الْمَقَالَاتِ الَّتِي إنَّمَا يَقُولُهَا الْغُلَاةُ فِي الْكُفْرِ وَالْإِلْحَادِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ خَيْرَ الْقُرُونِ الْقَرْنُ الَّذِي رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ]
١٠١٩ - ٨ مَسْأَلَةٌ:
عَنْ قَوْلِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ فِي آخِرِ عَقِيدَتِهِ: وَأَنَّ خَيْرَ الْقُرُونِ الْقَرْنُ الَّذِي رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَآمَنُوا بِهِ. ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ. وَأَفْضَلُ الصَّحَابَةِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ. فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى تَفْضِيلِ أَبِي بَكْرٍ عَلَى عُمَرَ، وَتَفْضِيلِ عُمَرَ عَلَى عُثْمَانَ، وَعُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ. فَإِذَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ فَهَلْ تَجِبُ عُقُوبَةُ مَنْ يُفَضِّلُ الْمَفْضُولَ عَلَى الْفَاضِلِ أَمْ لَا. بَيِّنُوا لَنَا ذَلِكَ بَيَانًا مَبْسُوطًا مَأْجُورِينَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَأَمَّا تَفْضِيلُ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ عَلَى عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ فَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْمَشْهُورِينَ بِالْإِمَامَةِ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَأَهْلِ مِصْرَ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَأَهْلِ الشَّامِ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَأَمْثَالِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute