وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ الَّذِينَ لَهُمْ لِسَانُ صِدْقٍ فِي الْأُمَّةِ.
وَحَكَى مَالِكٌ إجْمَاعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا مِمَّنْ اُقْتُدِيَ بِهِ يَشُكُّ فِي تَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. وَهَذَا مُسْتَفِيضٌ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: يَا أَبَتِ مَنْ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: يَا بُنَيَّ أَوَمَا تَعْرِفُ؟ قُلْت: لَا قَالَ: أَبُو بَكْرٍ، قُلْت: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ عُمَرُ. وَيُرْوَى هَذَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنْ نَحْوِ ثَمَانِينَ وَجْهًا، وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُهُ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ، بَلْ قَالَ: لَا أُوتَى بِأَحَدٍ يُفَضِّلُنِي عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ إلَّا جَلَدْتُهُ حَدَّ الْمُفْتَرِي. فَمَنْ فَضَّلَهُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ جُلِدَ بِمُقْتَضَى قَوْلِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثَمَانِينَ سَوْطًا.
وَكَانَ سُفْيَانُ يَقُولُ مَنْ فَضَّلَ عَلِيًّا عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَدْ أَزْرَى بِالْمُهَاجِرِينَ، وَمَا أَرَى أَنَّهُ يَصْعَدُ لَهُ إلَى اللَّهِ عَمَلٌ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى ذَلِكَ. وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ رُوِيَ هَذَا التَّفْضِيلُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ قَالَ: «يَا عَلِيُّ هَذَانِ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ إلَّا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ» . وَقَدْ اسْتَفَاضَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَغَيْرِهِمْ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَوْ كُنْت مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاِتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ يَعْنِي بِنَفْسِهِ» . وَفِي الصَّحِيحِ: «أَنَّهُ قَالَ عَلَى الْمِنْبَرِ: إنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَذَاتِ يَدِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْت مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاِتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute