للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْفَعَةٌ لِلْإِنْسَانِ، وَطَاعَةٌ لِلَّهِ، فَلَا خَيْرَ فِيهِ، بَلْ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَأَى رَجُلًا قَائِمًا فِي الشَّمْسِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا أَبُو إسْرَائِيلَ، نَذَرَ أَنْ يَقُومَ فِي الشَّمْسِ، وَلَا يَسْتَظِلَّ، وَلَا يَتَكَلَّمَ، وَيَصُومَ. فَقَالَ: مُرُوهُ فَلْيَجْلِسْ، وَلْيَسْتَظِلَّ، وَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ» .

وَلِهَذَا نَهَى عَنْ الصَّمْتِ الدَّائِمِ، بَلْ الْمَشْرُوعُ مَا قَالَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» . فَالتَّكَلُّمُ بِالْخَيْرِ خَيْرٌ مِنْ السُّكُوتِ عَنْهُ، وَالسُّكُوتُ عَنْ الشَّرِّ خَيْرٌ مِنْ التَّكَلُّمِ بِهِ.

[فَصْلٌ الْجُنُبُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ أَوْ يُعَاوِدَ الْوَطْءَ]

فَصْلٌ وَالْجُنُبُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوُضُوءُ، إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ أَوْ يَنَامَ أَوْ يُعَاوِدَ الْوَطْءَ، لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ النَّوْمُ إذَا لَمْ يَتَوَضَّأْ؛ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ: هَلْ يَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، إذَا تَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ» .

وَيُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ عِنْدَ النَّوْمِ لِكُلِّ أَحَدٍ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ: «إذَا أَخَذْت مَضْجَعَك فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْلَمْتُ نَفْسِي إلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إلَيْك، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إلَّا إلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْت وَنَبِيِّك الَّذِي أَرْسَلْت» .

وَلَيْسَ لِلْجُنُبِ أَنْ يَلْبَثَ فِي الْمَسْجِدِ، لَكِنْ إذَا تَوَضَّأَ جَازَ لَهُ اللُّبْثُ فِيهِ، عِنْدَ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَاسْتَدَلَّ بِمَا ذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ «أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ وَهُمْ جُنُبٌ، ثُمَّ يَجْلِسُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَيَتَحَدَّثُونَ» وَهَذَا لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الْجُنُبَ بِالْوُضُوءِ عِنْدَ النَّوْمِ، وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ كَرَاهَةُ أَنْ تُقْبَضَ رُوحُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>