وَأَمَّا مُجَرَّدُ تَعْذِيبِ النَّفْسِ وَالْبَدَنِ مِنْ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ رَاجِحَةٍ، فَلَيْسَ هَذَا مَشْرُوعًا لَنَا؛ بَلْ أَمَرَنَا اللَّهُ بِمَا يَنْفَعُنَا، وَنَهَانَا عَمَّا يَضُرُّنَا. وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «إنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ» . «وَقَالَ لِمُعَاذٍ وَأَبِي مُوسَى لَمَّا بَعَثَهُمَا إلَى الْيَمَنِ: يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا» .
وَقَالَ «هَذَا الدِّينُ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إلَّا غَلَبَهُ، فَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ، وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلْجَةِ، وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا» وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «أَحَبُّ الدِّينِ إلَى اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ» . فَالْإِنْسَانُ إذَا أَصَابَهُ فِي الْجِهَادِ وَالْحَجِّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ حَرٌّ أَوْ بَرْدٌ أَوْ جُوعٌ، وَنَحْوُ ذَلِكَ. فَهُوَ مِمَّا يُحْمَدُ عَلَيْهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَقَالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} [التوبة: ٨١] .
وَكَذَلِكَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْكَفَّارَاتُ: إسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَى إلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ، فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ» .
وَأَمَّا مُجَرَّدُ بُرُوزِ الْإِنْسَانِ لِلْحَرِّ وَالْبَرْدِ. بِلَا مَنْفَعَةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَاحْتِفَاؤُهُ وَكَشْفُ رَأْسِهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَظُنُّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ مِنْ مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ، فَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute