وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ أَمَرَ بِالْعَدْلِ وَالِاعْتِبَارِ؛ وَهَذَا هُوَ " الْقِيَاسُ الشَّرْعِيُّ " وَهُوَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ؛ فَلَا يُفَرِّقُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بَيْنَ شَرَابٍ مُسْكِرٍ وَشَرَابٍ مُسْكِرٍ فَيُبِيحُ قَلِيلَ هَذَا وَلَا يُبِيحُ قَلِيلَ هَذَا؛ بَلْ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا وَإِذَا كَانَ قَدْ حَرُمَ الْقَلِيلُ مِنْ أَحَدِهِمَا حَرُمَ الْقَلِيلُ مِنْهُمَا؛ فَإِنَّ الْقَلِيلَ يَدْعُو إلَى الْكَثِيرِ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ أَمَرَ بِاجْتِنَابِ الْخَمْرِ، وَلِهَذَا يُؤْمَرُ بِإِرَاقَتِهَا؛ وَيَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهَا، وَحُكِمَ بِنَجَاسَتِهَا؛ وَأُمِرَ بِجَلْدِ شَارِبِهَا، كُلُّ ذَلِكَ حَسْمًا لِمَادَّةِ الْفَسَادِ؛ فَكَيْفَ يُبِيحُ الْقَلِيلَ مِنْ الْأَشْرِبَةِ الْمُسْكِرَةِ،، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ نَبِيذِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْمِزْرِ وَالسَّوِيقَةِ]
٧١٠ - ٦٤ مَسْأَلَةٌ: فِي نَبِيذِ التَّمْرِ؛ وَالزَّبِيبِ، وَالْمِزْرِ، " وَالسَّوِيقَةِ " الَّتِي تُعْمَلُ مِنْ الْجَزَرِ، الَّذِي يُعْمَلُ مِنْ الْعِنَبِ، يُسَمَّى " النَّصُوحَ ": هَلْ هُوَ حَلَالٌ؟ وَهَلْ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ شَيْءٍ مِنْ هَذَا، أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. كُلُّ شَرَابٍ مُسْكِرٍ فَهُوَ خَمْرٌ، فَهُوَ حَرَامٌ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُسْتَفِيضَةِ عَنْهُ بِاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ، كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ «أَبِي مُوسَى: أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ شَرَابٍ يُصْنَعُ مِنْ الذُّرَةِ يُقَالُ لَهُ الْمِزْرُ وَشَرَابٍ يُصْنَعُ مِنْ الْعَسَلِ يُقَالُ لَهُ الْبِتْعُ وَكَانَ قَدْ أُوتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَوَامِعَ الْكَلِمِ، فَقَالَ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ» وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» وَفِي لَفْظِ الصَّحِيحِ: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ؛ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ» وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» وَقَدْ صَحَّحَ ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْحُفَّاظِ.
وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَصِيرَ الْعِنَبِ النِّيءِ إذَا غَلَا وَاشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ الَّتِي تَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ، وَتُوقِعُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ. وَكُلُّ مَا كَانَتْ فِيهِ هَذِهِ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ فَهُوَ خَمْرٌ مِنْ أَيِّ مَادَّةٍ كَانَ: مِنْ الْحُبُوبِ؛ وَالثِّمَارِ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute