للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّاهِنِ، وَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، فَإِنَّ وَلَدَهُ يَنْعَقِدُ حُرًّا لِأَجْلِ الشُّبْهَةِ فَإِنَّ شِبْهَ الِاعْتِقَادِ أَوْ الْمِلْكِ يُسْقِطُ الْمِلْكَ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، فَكَذَلِكَ يُؤَثِّرُ فِي حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ وَنَسَبِهِ، كَمَا لَوْ وَطِئَهَا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ مِلْكٍ فَاسِدٍ، فَإِنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ حُرًّا بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَأَبُو حَنِيفَةَ يُخَالِفُهُمَا فِي هَذَا وَيَقُولُ: الْوَلَدُ مَمْلُوكٌ، وَأَمَّا مَالِكٌ فَعِنْدَهُ أَنَّ الْوَاطِئَ قَدْ مَلَكَ الْجَارِيَةَ بِالْوَطْءِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَهَلْ عَلَى هَذَا الْوَاطِئِ بِالْإِذْنِ قِيمَةُ الْوَلَدِ فِيهِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ.

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ مَالَهُ بِإِذْنِهِ.

وَالثَّانِي: تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ أَحْمَدَ، وَالشَّافِعِيِّ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُهُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَأَمَّا الْمَهْرُ فَلَا يَلْزَمُهُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَمَالِكٍ، وَغَيْرِهِمَا.

وَلِلشَّافِعِيِّ فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَا تَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا.

[مَسْأَلَةٌ وَهَبَ لِأَوْلَادِهِ مَمَالِيكَ ثُمَّ قَصَدَ عِتْقَهُمْ]

٧٩٨ - ٢٠ - مَسْأَلَةٌ: فِي رَجُلٍ وَهَبَ لِأَوْلَادِهِ مَمَالِيكَ، ثُمَّ قَصَدَ عِتْقَهُمْ فَهَلْ الْأَفْضَلُ اسْتِرْجَاعُهُمْ مِنْهُمْ وَعِتْقُهُمْ، أَوْ إبْقَاؤُهُمْ فِي يَدِ الْأَوْلَادِ.

الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. إنْ كَانَ أَوْلَادُهُ مُحْتَاجِينَ إلَى الْمَمَالِيكِ فَتَرْكُهُمْ لِأَوْلَادِهِ أَفْضَلُ مِنْ اسْتِرْجَاعِهِمْ وَعِتْقِهِمْ، بَلْ صِلَةُ ذِي الرَّحِمِ الْمُحْتَاجِ أَفْضَلُ مِنْ الْعِتْقِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: أَنَّ «مَيْمُونَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ أَعْتَقَتْ جَارِيَةً لَهَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ، فَقَالَ: لَوْ أَعْطَيْتهَا أَخْوَالَك كَانَ خَيْرًا لَك» فَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ قَدْ فَضَّلَ إعْطَاءَ الْخَالِ عَلَى الْعِتْقِ، فَكَيْفَ الْأَوْلَادُ الْمُحْتَاجُونَ؟ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْأَوْلَادُ مُسْتَغْنِينَ عَنْ بَعْضِهِمْ، فَفِقْهٌ حَسَنٌ، وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي هَذِهِ الْهِبَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَغَيْرِهِمَا، وَلَا يَرْجِعُ فِيهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ مَاتَ وَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ وَبِنْتًا وَزَوْجَةً]

٧٩٩ - ٢١ - مَسْأَلَةٌ:

فِي رَجُلٍ مَاتَ وَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ ذَكَرَيْنِ، وَبِنْتًا، وَزَوْجَةً، وَقُسِّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>