وَالْجَارُ السُّوءُ عَيْبٌ، وَإِذَا ظَهَرَ عُسْرُ الْمُشْتَرِي أَوْ مَطَلَهُ فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ، وَيَمْلِكُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِالْعَقْدِ وَيَصِحُّ عِتْقُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ إجْمَاعًا فِيهِمَا، وَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا لَمْ يَبِعْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ سَوَاءٌ الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ وَغَيْرُهُمَا.
وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ اخْتَارَهَا ابْنُ عَقِيلٍ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي أَوْ لَا وَعَلَى ذَلِكَ تَدُلُّ أُصُولُ أَحْمَدَ كَتَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَرَةِ قَبْلَ جَدِّهَا فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَهِيَ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْبَائِعِ وَكَصِحَّةِ تَصَرُّفِ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ بِالْإِجَارَةِ وَهِيَ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْمُؤَجِّرِ، وَيَمْتَنِعُ التَّصَرُّفُ فِي صُبْرَةِ الطَّعَامِ الْمُشْتَرَاةِ جُزَافًا عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَهِيَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ مَعَ أَنَّهَا مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي.
وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْأَكْثَرِينَ وَعِلَّةُ النَّهْيِ عَنْ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَيْسَتْ تَوَالِي الضَّمَانَيْنِ بَلْ عَجْزُ الْمُشْتَرِي عَنْ تَسْلِيمِهِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ يُسَلِّمُهُ وَقَدْ لَا يُسَلِّمُهُ، لَا سِيَّمَا إذَا رَأَى الْمُشْتَرِي قَدْ رَبِحَ فَيَسْعَى فِي رَدِّ الْبَيْعِ إمَّا بِجَحْدٍ أَوْ بِاحْتِيَالٍ فِي الْفَسْخِ، وَعَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ تَجُوزُ التَّوْلِيَةُ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَهُوَ مُخَرَّجٌ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ الدَّيْنِ.
وَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الْبَيْعِ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ لِبَائِعِهِ وَالشَّرِكَةُ فِيهِ، وَكُلُّ مَا مُلِكَ بِعَقْدٍ سِوَى الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ لِعَدَمِ قَصْدِ الرِّبْحِ، وَإِذَا تَعَيَّنَ مِلْكُ إنْسَانٍ فِي مَوْرُوثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ غَنِيمَةٍ لَمْ يُعْتَبَرْ لِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ قَبْضُهُ بِلَا خِلَافٍ، وَيَنْتَقِلُ الضَّمَانُ إلَى الْمُشْتَرِي بِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْقَبْضِ، وَظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ الْفَرْقُ بَيْنَ تَمَكُّنِ قَبْضِهِ وَغَيْرِهِ لَيْسَ هُوَ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَقْبُوضِ وَغَيْرِهِ.
[بَابُ الرَّبَّا]
وَالْعِلَّةُ فِي تَحْرِيمِ رِبَا الْفَضْلِ الْكَيْلُ أَوْ الْوَزْنُ مَعَ الطُّعْمِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمَصُوغِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِجِنْسِهِ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ التَّمَاثُلِ، وَيُجْعَلُ الزَّائِدُ فِي مُقَابَلَةِ الصِّيغَةِ لَيْسَ بِرِبًا وَلَا بِجِنْسٍ بِنَفْسِهِ، فَيُبَاعُ خُبْزٌ بِهَرِيسَةٍ وَزَيْتٌ بِزَيْتُونٍ، وَسِمْسِمٌ بِشَيْرَجٍ.
وَالْمَعْمُولُ مِنْ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ إذَا قُلْنَا يَجْرِي الرِّبَا فِيهِ يَجْرِي فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute