يُطِيلَ عَلَى الْقَدْرِ الْمَشْرُوعِ، إلَّا أَنْ يَخْتَارُوا ذَلِكَ. كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ بِهِمْ، فَإِنَّ مِنْهُمْ السَّقِيمَ وَالْكَبِيرَ، وَذَا الْحَاجَةِ» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَقَالَ: «إذَا أَمَّ أَحَدُكُمْ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ، وَإِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ» . وَكَانَ يُطِيلُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ؛ وَالِاعْتِدَالَيْنِ كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّهُ كَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ يَقُومُ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ قَدْ نَسِيَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ يَقْعُدُ، حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: قَدْ نَسِيَ» .
وَفِي السُّنَنِ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ شَبَّهَ صَلَاةَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِصَلَاتِهِ وَكَانَ عُمَرُ يُسَبِّحُ فِي الرُّكُوعِ نَحْوَ عَشْرِ تَسْبِيحَاتٍ، وَفِي السُّجُودِ نَحْوَ عَشْرِ تَسْبِيحَاتٍ، فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ فِي الْغَالِبِ مَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُهُ فِي الْغَالِبِ، وَإِذَا اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ أَنْ يُطِيلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ يُقْصِرُ عَنْ ذَلِكَ فَعَلَ ذَلِكَ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْيَانًا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ، وَأَحْيَانًا يُنْقِصُ عَنْ ذَلِكَ.
[فَصْلٌ الْوُضُوءُ عِنْدَ كُلِّ حَدَثٍ]
فَصْلٌ وَأَمَّا الْوُضُوءُ عِنْدَ كُلِّ حَدَثٍ فَفِيهِ حَدِيثُ بِلَالٍ الْمَعْرُوفُ عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ حَصِيبٍ، قَالَ: «أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَا بِلَالًا فَقَالَ: يَا بِلَالُ بِمَ سَبَقْتَنِي إلَى الْجَنَّةِ؟ ، فَمَا دَخَلْت الْجَنَّةَ قَطُّ إلَّا سَمِعْت خَشْخَشَتَك أَمَامِي، دَخَلْت الْبَارِحَةَ الْجَنَّةَ فَسَمِعْت خَشْخَشَتَك أَمَامِي، فَأَتَيْت عَلَى قَصْرٍ مُرَبَّعٍ مُشْرِفٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقُلْت: لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ فَقَالُوا: لِرَجُلٍ عَرَبِيٍّ، فَقُلْت: أَنَا عَرَبِيٌّ، لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ فَقَالُوا: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، قُلْت: أَنَا رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ فَقَالُوا: لِرَجُلٍ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، فَقُلْت أَنَا مُحَمَّدٌ، لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ فَقَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: بِلَالٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَذَّنْت قَطُّ إلَّا صَلَّيْت رَكْعَتَيْنِ، وَمَا أَصَابَنِي حَدَثٌ قَطُّ إلَّا تَوَضَّأْت عِنْدَهَا، فَرَأَيْت أَنَّ لِلَّهِ عَلَيَّ رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْك بِهِمَا» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute