فَمَنْ لَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ لَمْ يَشْكُرْهُ، وَفِي الصَّحِيحِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، وَيَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا» . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ قَالَ لَا يَجُوز الدُّعَاءُ إلَّا بِالتِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ اسْمًا]
٣١٧ - ٥ - مَسْأَلَةٌ:
فِيمَنْ قَالَ: لَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ إلَّا بِالتِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ اسْمًا، وَلَا يَقُولُ: يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ، وَلَا يَقُولُ: يَا دَلِيلَ الْحَائِرِينَ، فَهَلْ لَهُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. هَذَا الْقَوْلُ وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، كَأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ، وَغَيْرِهِ فَإِنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ عَلَى خِلَافِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ مَضَى سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا، وَهُوَ الصَّوَابُ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ التِّسْعَةَ وَالتِّسْعِينَ اسْمًا لَمْ يَرِدْ فِي تَعْيِينِهَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَشْهَرُ مَا عِنْدَ النَّاسِ فِيهَا، حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ، الَّذِي رَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، وَحُفَّاظُ أَهْلِ الْحَدِيثِ يَقُولُونَ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مِمَّا جَمَعَهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ شُيُوخِهِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَفِيهَا حَدِيثٌ ثَانٍ أَضْعَفُ مِنْ هَذَا، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَقَدْ رُوِيَ فِي عَدَدِهَا غَيْرُ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ مِنْ جَمْعِ بَعْضِ السَّلَفِ، وَهَذَا الْقَائِلُ الَّذِي حَصَرَ أَسْمَاءَ اللَّهِ فِي تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ لَمْ يُمْكِنْهُ اسْتِخْرَاجُهَا مِنْ الْقُرْآنِ.
وَإِذَا لَمْ يَقُمْ عَلَى تَعْيِينِهَا دَلِيلٌ يَجِبُ الْقَوْلُ بِهِ، لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُقَالَ هِيَ الَّتِي يَجُوزُ الدُّعَاءُ بِهَا دُونَ غَيْرِهَا، لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى تَمْيِيزِ الْمَأْمُورِ مِنْ الْمَحْظُورِ، فَكُلُّ اسْمٍ يُجْهَلُ حَالُهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمَأْمُورِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمَحْظُورِ، وَإِنْ قِيلَ: لَا تَدْعُوا إلَّا بِاسْمٍ لَهُ ذِكْرٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، قِيلَ: هَذَا أَكْثَرُ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ إذَا قِيلَ تَعْيِينُهَا عَلَى مَا فِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ مَثَلًا، فَفِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَسْمَاءٌ لَيْسَتْ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ، مِثْلَ اسْمِ (الرَّبِّ) فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ، وَأَكْثَرُ الدُّعَاءِ الْمَشْرُوعِ إنَّمَا هُوَ بِهَذَا الِاسْمِ، كَقَوْلِ آدَمَ: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} [الأعراف: ٢٣] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute