الْحَالِفَ بِالنَّذْرِ إذَا قَالَ: إنْ فَعَلْتُ كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ، أَوْ فَمَالِي صَدَقَةٌ.
وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ بِالْعِتْقِ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عِنْدَ أَكْثَرِ السَّلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَكَذَلِكَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ تُجْزِئُ أَيْضًا فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، كَمَا أَفْتَى مَنْ أَفْتَى بِهِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَالثَّابِتِ عَنْ الصَّحَابَةِ لَا يُخَالِفُ ذَاكَ، بَلْ مَعْنَاهُ يُوَافِقُهُ. وَكُلُّ يَمِينٍ يَحْلِفُ بِهَا الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَيْمَانِهِمْ فَفِيهَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ مَقْصُودُ الرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ أَوْ يُعْتِقَ أَوْ أَنْ يُظَاهِرَ: فَهَذَا يَلْزَمُهُ مَا أَوْقَعَهُ، سَوَاءٌ كَانَ مُنَجَّزًا أَوْ مُعَلَّقًا، فَلَا تُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[مَسْأَلَةٌ الْفَرْق بَيْنَ الطَّلَاقِ الْحَلَالِ وَالطَّلَاقِ الْحَرَامِ]
٥٤٦ - ٩ - مَسْأَلَةٌ:
سُئِلَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الطَّلَاقِ الْحَلَالِ وَالطَّلَاقِ الْحَرَامِ؟ وَعَنْ الطَّلَاقِ الْحَرَامِ هَلْ هُوَ لَازِمٌ أَوْ لَيْسَ بِلَازِمٍ؟ وَعَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ؟ وَعَنْ حُكْمِ الْحَلِفِ بِلَفْظِ الْحَرَامِ، هَلْ هُوَ طَلَاقٌ أَمْ لَا؟ وَعَنْ بَسْطِ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ؟
فَأَجَابَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ: الطَّلَاقُ مِنْهُ مَا هُوَ مُحَرَّمٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ. وَمِنْهُ مَا لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ.
فَالطَّلَاقُ الْمُبَاحُ - بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ - هُوَ أَنْ يُطَلِّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً وَاحِدَةً؛ إذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا، بَعْدَ أَنْ تَغْتَسِلَ وَقَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا ثُمَّ يَدَعَهَا فَلَا يُطَلِّقَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا. وَهَذَا الطَّلَاقُ يُسَمَّى " طَلَاقَ السُّنَّةِ " فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرْتَجِعَهَا فِي الْعِدَّةِ فَلَهُ ذَلِكَ بِدُونِ رِضَاهَا وَلَا رِضَا وَلِيِّهَا. وَلَا مَهْرٍ جَدِيدٍ. وَإِنْ تَرَكَهَا حَتَّى تَقْضِيَ الْعِدَّةَ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُسَرِّحَهَا بِإِحْسَانٍ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ.
فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ؛ لَكِنْ يَكُونُ بِعَقْدٍ؛ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا ابْتِدَاءً أَوْ تَزَوَّجَهَا غَيْرُهُ ثُمَّ ارْتَجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ، أَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ وَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا؛ فَإِنَّهُ يُطَلِّقُهَا كَمَا تَقَدَّمَ. ثُمَّ إذَا ارْتَجَعَهَا، أَوْ تَزَوَّجَهَا مَرَّةً ثَانِيَةً، وَأَرَادَ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute