وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ وَأَظُنُّهُ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ يَتَعَلَّقُ ذَلِكَ بِذِمَّةِ الْعَبْدِ قَدْ يُتْبَعُ بِهِ إذَا أُعْتِقَ، كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ، وَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِمَا.
وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، فَإِنَّ قَوْلَهُ لَهُمْ أَنَّهُ تَلْبِيسٌ عَلَيْهِمْ وَكَذِبٌ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ دُخُولُهُ عَلَيْهَا بِهَذَا الْكَذِبِ عُدْوَانٌ مِنْهُ عَلَيْهِمْ، وَالْأَئِمَّةُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْمَمْلُوكَ لَوْ تَعَدَّى عَلَى أَحَدٍ، فَأَتْلَفَ مَالَهُ أَوْ جَرَحَهُ أَوْ قَتَلَهُ كَانَتْ جِنَايَتُهُ مُتَعَلِّقَةً بِرَقَبَتِهِ، لَا تَجِبُ فِي ذِمَّةِ السَّيِّدِ، بَلْ يُقَالُ لِلسَّيِّدِ: إنْ شِئْت أَنْ تَفُكَّ مَمْلُوكَك مِنْ هَذِهِ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ شِئْت أَنْ تُسَلِّمَهُ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ هَذِهِ الْجِنَايَةَ مِنْ رَقَبَتِهِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَهُ فَعَلَيْهِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قَدْرِ الْجِنَايَةِ، أَوْ قِيمَةِ الْعَبْدِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَغَيْرِهِمَا، وَعِنْدَ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ يَفْدِيهِ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ بَالِغًا مَا بَلَغَ.
فَهَذَا الْعَبْدُ ظَالِمٌ، مُعْتَدٍ، جَارٍ عَلَى هَؤُلَاءِ فَتَتَعَلَّقُ جِنَايَتُهُ بِرَقَبَتِهِ، وَكَذَلِكَ مَا اقْتَرَضَهُ مِنْ مَالِ الزَّوْجَةِ مَعَ قَوْلِهِ أَنَّهُ حُرٌّ، فَهُوَ عُدْوَانٌ عَلَيْهِمْ، فَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ زَوَّجَ ابْنَتَهُ لِشَخْصٍ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ شَارِب خَمْر]
٤٥٤ - ٥٦ - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ زَوَّجَ ابْنَتَهُ لِشَخْصٍ، وَلَمْ يَعْلَمْ مَا هُوَ عَلَيْهِ، فَأَقَامَ فِي صُحْبَةِ الزَّوْجَةِ سِنِينَ، فَعَلِمَ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجَةُ مَا الزَّوْجُ عَلَيْهِ مِنْ النَّجِسِ وَالْفَسَادِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْكَذِبِ وَالْأَيْمَانِ الْخَائِنَةِ، فَبَانَتْ الزَّوْجَةُ مِنْهُ بِالثَّلَاثِ، فَهَلْ يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ الْإِقْدَامُ عَلَى تَزْوِيجِهِ أَمْ لَا؟ ثُمَّ إنَّ الْوَلِيَّ اسْتَتَابَ الزَّوْجَ مِرَارًا عَدِيدَةً، وَنَكَثَ وَلَمْ يَرْجِعْ، فَهَلْ يَحِلُّ تَزْوِيجُهَا لَهُ؟ .
الْجَوَابُ: إذَا كَانَ مُصِرًّا عَلَى الْفِسْقِ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْوَلِيِّ تَزْوِيجُهَا لَهُ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: " مِنْ زَوَّجَ كَرِيمَتَهُ مِنْ فَاجِرٍ فَقَدْ قَطَعَ رَحِمَهَا ". لَكِنْ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ تَابَ فَلْتُزَوَّجْ بِهِ إذَا كَانَ كُفُؤًا لَهَا وَهِيَ رَاضِيَةٌ بِهِ
وَأَمَّا نِكَاحُ التَّحْلِيلِ، فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» ، وَلَا تُجْبَرُ الْمَرْأَةُ عَلَى نِكَاحِ التَّحْلِيلِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute