عَلَى الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَفَقِّهَةِ الْفُلَانِيَّةِ تُرْسَمُ سُكْنَاهُمْ وَاشْتِغَالُهُمْ فِيهَا فَلَا تَخْتَصُّ السُّكْنَى بِالْمُرْتَزِقَةِ مِنْ الْمَالِ بَلْ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ السُّكْنَى وَالرِّزْقِ مِنْ الْمَالِ بَلْ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ السُّكْنَى وَالِارْتِزَاقِ لِلشَّخْصِ الْوَاحِدِ وَيَجُوزُ السُّكْنَى مِنْ غَيْرِ ارْتِزَاقٍ كَمَا يَجُوزُ الِارْتِزَاقُ مِنْ غَيْرِ سُكْنَى وَلَا يَجُوزُ قَطْعُ أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ إلَّا بِسَبَبٍ شَرْعِيٍّ إذَا كَانَ السَّاكِنُ مُشْتَغِلًا سَوَاءٌ كَانَ يَحْضُرُ الدَّرْسَ أَمْ لَا.
وَالْأَرْزَاقُ الَّتِي يُقَدِّرُهَا الْوَاقِفُونَ ثُمَّ يَتَغَيَّرُ النَّقْدُ فِيمَا بَعْدُ نَحْوُ أَنْ يَشْتَرِطَ مِائَةَ دِرْهَمٍ نَاصِرِيَّةً ثُمَّ يَحْرُمُ التَّعَامُلُ بِهَا وَتَصِيرُ الدَّرَاهِمُ ظَاهِرِيَّةً فَإِنَّهُ يُعْطَى الْمُسْتَحَقُّ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ مَا قِيمَتُهُ قِيمَةَ الْمَشْرُوطِ وَلِوَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يُنَصِّبَ دِيوَانًا مُسْتَوْفِيًا لِحِسَابِ أَمْوَالِ الْأَوْقَافِ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ وَلَهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهُ عَلَى عَمَلِهِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِثْلُهُ مِنْ كُلِّ مَالٍ يَعْمَلُ فِيهِ بِمِقْدَارِ ذَلِكَ الْمَالِ وَإِذَا قَامَ الْمُسْتَوْفِي بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ اسْتَحَقَّ مَا فُرِضَ لَهُ.
[بَابُ الْهِبَةِ]
ِ وَإِعْطَاءُ الْمَرْءِ الْمَالَ لِيُمْدَحَ وَيُثْنَى عَلَيْهِ مَذْمُومٌ وَإِعْطَاؤُهُ لِكَفِّ الظُّلْمِ وَالشَّرِّ عَنْهُ وَلِئَلَّا يُنْسَبَ إلَى الْبُخْلِ مَشْرُوعٌ بَلْ هُوَ مَحْمُودٌ مَعَ النِّيَّةِ الصَّالِحَةِ، وَالْإِخْلَاصُ فِي الصَّدَاقَةِ أَنْ لَا يَسْأَلَ عِوَضَهَا مِنْ الْمُعْطِي وَلَا يَرْجُو بَرَكَتَهُ وَخَاطِرَهُ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْأَقْوَالِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا} [الإنسان: ٩] .
وَتُصْبِحُ هِبَةُ الْمَعْدُومِ كَالثَّمَرِ وَاللَّبَنِ بِالسَّنَةِ وَاشْتِرَاطُ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ هُنَا فِيهِ نَظَرٌ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَتَصِحُّ هِبَةُ الْمَجْهُولِ كَقَوْلِهِ مَا أَخَذْتَ مِنْ مَالِي فَهُوَ لَك أَوْ مَنْ وَجَدَ شَيْئًا مِنْ مَالِي فَهُوَ لَهُ.
وَفِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ يَحْصُلُ الْمِلْكُ بِالْقَبْضِ وَنَحْوِهِ وَلِلْمُبِيحِ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا قَالَ قَبْلَ التَّمَلُّكِ وَهَذَا نَوْعُ الْهِبَةِ يَتَأَخَّرُ الْقَبُولُ فِيهِ عَنْ الْإِيجَابِ كَثِيرًا وَلَيْسَ بِإِبَاحَةٍ، وَتَجْهِيزُ الْمَرْأَةِ بِجَهَازِهَا إلَى بَيْتِ زَوْجِهَا تَمْلِيكٌ. قَالَ الْقَاضِي قِيَاسُ قَوْلِنَا فِي بَيْعِ الْمُعْطَاةِ أَنَّهُ تَمْلِكُهُ بِذَلِكَ وَأَفْتَى بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَأَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُمْ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَيَظْهَرُ لِي صِحَّةُ هِبَةِ الصُّوفِ عَلَى الظَّهْرِ قَوْلًا وَاحِدًا وَقَاسَهُ أَبُو الْخَطَّابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute