أَحَدِ قَوْلَيْ أَصْحَابِنَا وَلَوْ أَقَرَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ فِي هَذَا الْوَقْفِ إلَّا مِقْدَارًا مَعْلُومًا ثُمَّ ظَهَرَ شَرْطُ الْوَاقِفِ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَكْثَرَ حُكِمَ لَهُ بِمُقْتَضَى شَرْطِ الْوَاقِفِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ إقْرَارُهُ الْمُتَقَدِّمُ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى ابْنَيْ أَخِيهِ يُوسُفَ وَأَيُّوبَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ أَيُّوبَ اسْمُهُ صَالِحٌ فَشَكَّ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَخِيهِ ابْنَانِ سِوَاهُمَا، فَحَقُّ أَيُّوبَ ثَابِتٌ وَلَا يَضُرُّ الْغَلَطُ فِي اسْمِهِ وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَوَقَعَ الشَّكُّ فِي عَيْنِ الثَّالِثِ أُخْرِجَ بِالْقُرْعَةِ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ.
وَمَنْ عَمَّرَ وَقْفًا بِالْمَعْرُوفِ لِيَأْخُذَ عِوَضَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ غَلَّتِهِ، وَالْيَتِيمُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ ثَلَاثًا لَكِنْ يُعْطَى مَنْ لَيْسَ لَهُ أَبٌ يُعْرَفُ فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ وَلَا يُعْطَى كَافِرٌ وَإِذَا مَاتَ شَخْصٌ مِنْ مُسْتَحَقِّي الْوَقْفِ وَجُهِلَ شَرْطُ الْوَاقِفِ صُرِفَ إلَى جَمِيعِ الْمُسْتَحَقِّينَ بِالتَّسْوِيَةِ.
وَجَوَّزَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ تَغْيِيرَ صُورَةِ الْوَقْفِ لِلْمَصْلَحَةِ كَجَعْلِ الدُّورِ حَوَانِيتَ وَالْحُكُورَةِ مَشْهُورَةً، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ بِنَاءٍ بِبِنَاءٍ وَعَرْصَةٍ بِعَرْصَةٍ أَوَّلًا وَلَوْ وَقَفَ كُرُومًا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَيَحْصُلُ عَلَى جِيرَانِهَا ضَرَرٌ يُعَوَّضُ عَنْهَا بِمَا لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْجِيرَانِ وَيَعُودُ الْأَوَّلُ مِلْكًا، وَالثَّانِي وَقْفًا وَمَعَ الْحَاجَةِ يَجِبُ إبْدَالُ الْوَقْفِ بِمِثْلِهِ وَبِلَا حَاجَةٍ يَجُوزُ بِخَيْرٍ مِنْهُ لِظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ وَهُوَ قِيَاسُ الْهَدْيِ وَهُوَ وَجْهٌ فِي الْمُنَاقَلَةِ وَمَالَ إلَيْهِ أَحْمَدُ وَنَقَلَ صَالِحٌ يَنْتَقِلُ الْمَسْجِدُ لِمَنْفَعَةِ النَّاسِ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبَدَّلَ الْوَقْفُ بِمِثْلِهِ لِفَوَاتِ التَّعْيِينِ بِلَا حَاجَةٍ وَمَا حَصَلَ لِلْأَسِيرِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ يَتَسَلَّمُهُ وَيَحْفَظُهُ وَكِيلُهُ وَمَنْ يَنْتَقِل إلَيْهِ بَعْدَهُ جَمِيعًا وَمَا فَضَلَ عَنْ حَاجَةِ الْمَسْجِدِ صُرِفَ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَهُ غَرَضٌ فِي الْجِنْسِ وَالْجِنْسُ وَاحِدٌ.
وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ حَضَّ النَّاسَ عَلَى إعْطَاءِ الْمُكَاتَبِ فَلَوْ صُرِفَ إلَى الْمَسْجِدِ الثَّانِي فَفَضَلَ شَيْءٌ عَنْ حَاجَتِهِ فَصَرَفَهُ فِي الْمُكَاتَبِينَ. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَيَجُوزُ صَرْفُهُ فِي سَائِرِ الْمَصَالِحِ وَبِنَاءِ مَسَاكِنَ لِمُسْتَحِقِّي رَيْعِهِ الْقَائِمِينَ بِمَصَالِحِهِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ وَقْفَهُ يَبْقَى دَائِمًا وَجَبَ صَرْفُهُ لِأَنَّ بَقَاءَ صَرْفِهِ بَقَاءُ فَسَادٍ، وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ النَّاظِرِ صَرْفُ الْفَاضِلِ، وَإِذَا وَقَفَ مَدْرَسَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute