«إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمَنْخِرَيْهِ مِنْ الْمَاءِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ» . فَأَمَرَ بِالْغَسْلِ مُعَلِّلًا بِمَبِيتِ الشَّيْطَانِ عَلَى خَيْشُومِهِ، فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ لِلْغَسْلِ عَنْ النَّجَاسَةِ، وَالْحَدِيثُ مَعْرُوفٌ. وَقَوْلُهُ: «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» : يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ ذَلِكَ، فَتَكُونُ هَذِهِ الْعِلَّةُ مِنْ الْعِلَلِ الْمُؤَثِّرَةِ الَّتِي شَهِدَ لَهَا النَّصُّ بِالِاعْتِبَارِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ الْكَلْب إذَا وَقَعَ فِي بِئْر كَثِير الْمَاء وَمَاتَ فِيهِ]
٢٢ - ٦ - مَسْأَلَةٌ:
فِي بِئْرٍ كَثِيرِ الْمَاءِ وَقَعَ فِيهِ كَلْبٌ، وَمَاتَ وَبَقِيَ فِيهِ حَتَّى انْهَرَى جِلْدُهُ وَشَعْرُهُ، وَلَمْ يُغَيَّرُ مِنْ الْمَاءِ وَصْفٌ قَطُّ: لَا طَعْمٌ، وَلَا لَوْنٌ، وَلَا رَائِحَةٌ
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، هُوَ طَاهِرٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ كَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ: إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ، وَهُمَا نَحْوَ الْقِرْبَتَيْنِ، فَكَيْفَ إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ؟ وَشَعْرُ الْكَلْبِ فِي طَهَارَتِهِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، فَإِنَّهُ طَاهِرٌ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَنَجَسٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ، فَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ فِي الدَّلْوِ الصَّاعِدِ شَيْئًا مِنْ شَعْرِهِ لَمْ يَحْكُمْ بِنَجَاسَتِهِ بِلَا رَيْبٍ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّك تَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ، وَهِيَ بِئْرٌ تُلْقَى فِيهَا الْحِيَضُ، وَلُحُومُ الْكِلَابِ، وَعَذِرُ النَّاسِ. فَقَالَ الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» . وَبِئْرُ بُضَاعَةَ وَاقِعَةٌ مَعْرُوفَةٌ بِالْمَدِينَةِ، فِي شَرْقِيِّ الْمَدِينَةِ بَاقِيَةٌ إلَى الْيَوْمِ، وَمَنْ قَالَ إنَّهَا كَانَتْ جَارِيَةً فَقَدْ أَخْطَأَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ عَيْنٌ جَارِيَةٌ، بَلْ الزَّرْقَاءُ، وَعُيُونُ حَمْزَةَ حَدَّثَتَا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute