للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَتْ الْيَهُودُ تَقُولُ: إذَا أَتَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ مِنْ دُبُرِهَا جَاءَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ، وَأَبَاحَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَتَهُ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهَا، لَكِنْ فِي الْفَرْجِ خَاصَّةً، وَمَنْ وَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ وَطَاوَعَتْهُ، عُزِّرَا جَمِيعًا، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِيَا وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، كَمَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الرَّجُلِ الْفَاجِرِ وَمَنْ يَفْجُرُ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ وَطْءُ الْإِمَاءِ الْكِتَابِيَّاتِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ]

٤٣٦ - ٣٨ - مَسْأَلَةٌ:

فِي الْإِمَاءِ الْكِتَابِيَّاتِ، مَا الدَّلِيلُ عَلَى وَطْئِهِنَّ بِمِلْكِ الْيَمِينِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالِاعْتِبَارِ، وَعَلَى تَحْرِيمِ الْإِمَاءِ الْمَجُوسِيَّاتِ، أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ؟

الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَطْءُ الْإِمَاءِ الْكِتَابِيَّاتِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَقْوَى مِنْ وَطْئِهِنَّ بِمِلْكِ النِّكَاحِ عِنْدَ عَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَلَمْ يُذْكَرْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ تَحْرِيمُ ذَلِكَ، كَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ الْمَنْعُ مِنْ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّاتِ، وَإِنْ كَانَ ابْنُ الْمُنْذِرِ قَدْ قَالَ: لَمْ يَصِحَّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْأَوَائِلِ أَنَّهُ حَرَّمَ نِكَاحَهُنَّ، وَلَكِنَّ التَّحْرِيمَ هُوَ قَوْلُ الشِّيعَةِ، وَلَكِنْ فِي كَرَاهَةِ نِكَاحِهِنَّ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ نِزَاعٌ، وَالْكَرَاهَةُ مَعْرُوفَةٌ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَكَذَلِكَ كَرَاهَةُ وَطْءِ الْإِمَاءِ، فِيهِ نِزَاعٌ.

رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَرِهَهُ وَالْكَرَاهَةُ فِي ذَلِكَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى كَرَاهَةِ التَّزَوُّجِ، وَأَمَّا التَّحْرِيمُ فَلَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ، بَلْ قَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ تَزْوِيجِ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ جَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، وَحَرَّمَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَاللَّيْثُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ أَشْهَرُهُمَا كَالثَّانِي، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ إنَّمَا أَبَاحَ نِكَاحَ الْمُحْصَنَاتِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: ٥] الْآيَةَ. فَأَبَاحَ الْمُحْصَنَاتِ مِنْهُمْ وَقَالَ فِي آيَةِ الْإِمَاءِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>