نَقُولَ الْكَلَامُ لَيْسَ بِذِي أَبْعَاضٍ وَلَا أَجْزَاءٍ وَلَيْسَ هُوَ مَعَ ذَلِكَ حَقَائِقَ مُخْتَلِفَةً فَلَيْسَ هُوَ فِي نَفْسِهِ أَمْرًا وَلَا خَبَرًا وَلَا اسْتِخْبَارًا كَمَا تَقُولُ مِثْلُ ذَلِكَ الْمَوْصُوفُ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الَّذِي لَحَظَهُ ابْنُ كِلَابٍ إذْ كَانَ أَقْدَمَ وَأَحْذَقَ مِنْ الْأَشْعَرِيِّ حَيْثُ لَمْ يَصِفْ الْكَلَامَ فِي الْأَزَلِ بِأَنَّهُ أَمْرٌ وَنَهْيٌ وَخَبَرٌ وَاسْتِخْبَارٌ وَجَعَلَ ذَلِكَ أُمُورًا نِسْبِيَّةً تَعْرِضُ لَهُ وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الْمَعْقُولِ وَطَرَدَ أُصُولَهُمْ فِي قَوْلِ الْأَشْعَرِيِّ فَإِنَّ هَذَا بَاطِلٌ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَوْصُوفُ عِنْدَك وَاحِدًا بِمَعْنَى أَنْ لَيْسَ بِذِي أَبْعَاضٍ وَلَيْسَ هُوَ عِنْدَك حَقَائِقَ مُخْتَلِفَةً بَلْ مَوْصُوفًا بِصِفَاتٍ ثُمَّ يَقُولُ الْكَلَامُ هُوَ مَعْنًى وَاحِدٌ لَيْسَ بِذِي أَبْعَاضٍ وَهُوَ حَقَائِقُ مُخْتَلِفَةٌ أَمْرٌ وَنَهْيٌ وَتَقُولُ هُوَ فِي ذَلِكَ مِثْلُ الْمَوْصُوفِ فَهَذَا مِنْ فَسَادِ الْقِيَاسِ وَالتَّلْبِيسِ عَلَى النَّاسِ.
[الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ أَنْ يُقَالَ كَوْنُ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ لَيْسَ بِذِي أَبْعَاضٍ]
ٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْقُولًا أَوْ لَا يَكُونَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْقُولًا بَطَلَ كَلَامُك وَإِنْ كَانَ مَعْقُولًا لَزِمَ أَنْ يُعْقَلَ صِفَةٌ لَيْسَتْ بِذَاتِ أَبْعَاضٍ فَإِنَّ مَا لَا يَتَبَعَّضُ يَقُومُ بِهِ مَا لَا يَتَبَعَّضُ وَإِمَّا أَنْ يُعْقَلَ شَيْءٌ وَاحِدٌ هُوَ بِعَيْنِهِ حَقَائِقُ مُخْتَلِفَةٌ لِأَنَّهُ عَقْلُ شَيْءٍ وَاحِدٍ لَا يَتَبَعَّضُ فَهَذَا لَا يَلْزَمُ وَغَايَةُ مَا يَقُولُهُ أَنْ يَقُولَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْخَبَرُ إمَّا أَنْ تَكُونَ أَقْسَامُ الْكَلَامِ وَأَبْعَاضُهُ أَوْ لَا تَكُونُ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ أَقْسَامُهُ وَأَبْعَاضُهُ صَحَّ مَذْهَبُنَا وَنَحْنُ غَرَضُنَا أَنْ نُثْبِتَ أَنَّهَا لَيْسَتْ أَقْسَامَهُ وَأَبْعَاضَهُ لِأَنَّ الْمَوْصُوفَ لَيْسَ بِمُتَبَعِّضٍ وَلَا مُنْقَسِمٍ فَيَكُونُ صِفَةً لَيْسَتْ مُتَبَعِّضَةً وَلَا مُنْقَسِمَةً فَيُقَالُ لَهُ لِمَ تُقِمْ حُجَّةً عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ أَبْعَاضَهُ وَأَقْسَامَهُ وَغَايَةُ مَا ذَكَرْت إنَّمَا يُفِيدُ إنَّهُ إذَا كَانَ الْمَوْصُوفُ غَيْرَ مُتَبَعِّضٍ عُقِلَ فِي صِفَتِهِ أَنَّهَا غَيْرُ مُتَبَعِّضَةٍ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّ هَذَا يُفِيدُ مَطْلُوبَك وَهُوَ لَا يُفِيدُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ وَاحِدٌ، وَلَيْسَ تَبَعُّضُ الْكَلَامِ كَتَبَعُّضِ الْمَوْصُوفِ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ إنَّ تَبَعُّضَ الصِّفَةِ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ تَعَدُّدُهَا وَهَذَا مُمْكِنٌ عِنْدَك فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ نَبَّهْنَا عَلَيْهَا وَهِيَ مَبْسُوطَةٌ فِي سَائِرِ الْوُجُوهِ.
[الْوَجْهُ الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ كَوْنَ الْقَدِيمِ عِنْدَهُمْ لَيْسَ بِمُنْقَسِمٍ وَلَا مُتَبَعِّضٍ]
الْوَجْهُ الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ: إنَّ كَوْنَ الْقَدِيمِ عِنْدَهُمْ لَيْسَ بِمُنْقَسِمٍ وَلَا مُتَبَعِّضٍ مَعْنَاهُ أَنَّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ فِي الْخَارِجِ لَيْسَ بِذِي أَبْعَاضٍ وَلَيْسَ بِمُنْقَسِمٍ قِسْمَةَ الْكُلِّ إلَى أَجْزَائِهِ كَانْقِسَامِ الْإِنْسَانِ إلَى أَبْعَاضِهِ وَأَعْضَائِهِ وَإِنْ كَانَ هُوَ سُبْحَانَهُ أَيْضًا لَيْسَ بِجِنْسٍ كُلِّيٍّ يَنْقَسِمُ إلَى أَنْوَاعِهِ وَمَعْنَى كَوْنِ الْكَلَامِ لَيْسَ بِمُنْقَسِمٍ يُرَادُ بِهِ شَيْئَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِذِي أَجْزَاءٍ وَأَبْعَاضٍ.
وَالثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْكُلِّيَّاتِ الَّتِي تَنْقَسِمُ إلَى أَنْوَاعِهَا وَأَشْخَاصِهَا كَانْقِسَامِ جِنْسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute