لَهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْجِمَاعُ بِالِاتِّفَاقِ؛ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إذَا اسْتَمَرَّ الشَّكُّ.
[أَرَادَ أَنْ يُوَاقِعَ زَوْجَتَهُ فِي رَمَضَانَ فَأَفْطَرَ بِالْأَكْلِ قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ]
٣٤٣ - ١٣ وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، عَنْ رَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يُوَاقِعَ زَوْجَتَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِالنَّهَارِ، فَأَفْطَرَ بِالْأَكْلِ قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ، ثُمَّ جَامَعَ، فَهَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أَمْ لَا؟ وَمَا عَلَى الَّذِي يُفْطِرُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ؟
فَأَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ مَشْهُورَانِ: أَحَدُهُمَا: تَجِبُ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِهِمْ: كَمَالِكٍ، وَأَحْمَدَ، وَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمْ.
وَالثَّانِي: لَا تَجِبُ، وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِيِّ، وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ مَبْنَاهُمَا: عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ سَبَبُهَا الْفِطْرُ مِنْ الصَّوْمِ، أَوْ مِنْ الصَّوْمِ الصَّحِيحِ، بِجِمَاعٍ، أَوْ بِجِمَاعٍ وَغَيْرِهِ، عَلَى اخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ. فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَعْتَبِرُ الْفِطْرَ بِأَعْلَى جِنْسِهِ، وَمَالِكٍ يَعْتَبِرُ الْفِطْرَ مُطْلَقًا، فَالنِّزَاعُ بَيْنَهُمَا إذَا أَفْطَرَ بِابْتِلَاعِ حَصَاةٍ أَوْ نَوَاةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أَنَّهُ إذَا أَفْطَرَ بِالْحِجَامَةِ كَفَّرَ، كَغَيْرِهَا مِنْ الْمُفْطِرَاتِ. بِجِنْسِ الْوَطْءِ، فَأَمَّا الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَنَحْوُهُمَا فَلَا كَفَّارَةَ فِي ذَلِكَ.
ثُمَّ تَنَازَعُوا هَلْ يُشْتَرَطُ الْفِطْرُ مِنْ الصَّوْمِ الصَّحِيحِ؟ فَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ يَشْتَرِطُ ذَلِكَ، فَلَوْ أَكَلَ ثُمَّ جَامَعَ، أَوْ أَصْبَحَ غَيْرَ نَاوٍ لِلصَّوْمِ ثُمَّ جَامَعَ، أَوْ جَامَعَ وَكَفَّرَ ثُمَّ جَامَعَ: لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَطَأْ فِي صَوْمٍ صَحِيحٍ.
وَأَحْمَدُ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ وَغَيْرُهُ يَقُولُ: بَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ، وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَهُوَ صَوْمٌ فَاسِدٌ، فَأَشْبَهَ الْإِحْرَامَ الْفَاسِدَ.
وَكَمَا أَنَّ الْمُحْرِمَ بِالْحَجِّ إذَا أَفْسَدَ إحْرَامَهُ لَزِمَهُ الْمُضِيُّ فِيهِ بِالْإِمْسَاكِ عَنْ مَحْظُورَاتِهِ، فَإِذَا أَتَى مِنْهَا شَيْئًا كَانَ عَلَيْهِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْإِحْرَامِ الصَّحِيحِ، وَكَذَلِكَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ فِيهِ وَصَوْمُهُ فَاسِدٌ، لِأَكْلٍ أَوْ جِمَاعٍ، أَوْ عَدَمِ نِيَّةٍ، فَقَدْ لَزِمَهُ الْإِمْسَاكُ عَنْ مَحْظُورَاتِ الصِّيَامِ. فَإِذَا تَنَاوَلَ شَيْئًا مِنْهَا كَانَ عَلَيْهِ مَا عَلَيْهِ فِي الصَّوْمِ الصَّحِيحِ. وَفِي كِلَا الْمَوْضِعَيْنِ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
وَذَلِكَ لِأَنَّ هَتْكَ حُرْمَةِ الشَّهْرِ حَاصِلَةٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ؛ بَلْ هِيَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute