حُكْمُ؟ الصِّفَةِ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى الْفَرْقِ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عَلَى النِّكَاحِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي عِدَّةٍ أَوْ لَا يَكُونَ، فَعَلَى مَذْهَبِهِ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهَا إذَا تَزَوَّجَهَا، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَعَلَى قَوْلِهِ الْآخَرَ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ إنَّ الْبَيْنُونَةَ تَقْطَعُ حُكْمَ الصِّفَةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: إذَا تَزَوَّجَهَا، كَقَوْلِهِ: إذَا دَخَلْتِ الدَّارَ، وَإِذَا بَانَتْ أَحَلَّتْ هَذِهِ الْيَمِينَ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ، وَهُوَ الَّذِي يُرَجِّحُهُ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ، فَإِنَّهُ الْتِزَامٌ مِنْهُ لِمَذْهَبٍ بِعَيْنِهِ، وَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ بَلْ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ، وَإِنْ كَانَ بَائِنًا بِعِوَضٍ وَالتَّعْلِيقُ بَعْدَ هَذَا فِي الْعِدَّةِ وَغَيْرِهِ تَعْلِيقٌ بِأَجْنَبِيَّةٍ فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ إذَا تَزَوَّجَهَا فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.
[مَسْأَلَةٌ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي مَرَض الْمَوْت طَلْقَةً وَاحِدَةً قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا]
٥٦٠ - ٢٣ - مَسْأَلَةٌ: فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلْقَةً وَاحِدَةً قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ طَلَاقَ الْفَارِّ، وَيُعَامَلُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، وَتَرِثُهُ الزَّوْجَةُ، وَتَسْتَكْمِلُ جَمِيعَ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ، أَمْ لَا تَرِثُ، وَتَأْخُذُ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُطَلِّقِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ تَوْرِيثُهَا، كَمَا قَضَى بِذَلِكَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِامْرَأَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفِ تُمَاضَرَ بِنْتِ الْأَصْبَغِ، وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ، ثُمَّ عَلَى هَذَا هَلْ تَرِثُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.
وَالْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى قَوْلَيْنِ الْعُلَمَاءُ، أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا تَرِثُ أَيْضًا، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ. وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ، لِأَنَّهُ قَدْ رَوَى أَنَّ عُثْمَانَ وَرَّثَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَلِأَنَّ هَذِهِ إنَّمَا وَرِثَتْ لِتَعَلُّقِ حَقِّهَا بِالتَّرِكَةِ لَمَّا مَرِضَ مَرَضَ الْمَوْتِ، وَصَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي حَقِّهَا وَحَقِّ سَائِرِ الْوَرَثَةِ، بِحَيْثُ لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ لِوَارِثٍ، وَلَا يَمْلِكُهُ لِغَيْرِ وَارِثٍ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ، كَمَا لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَلَمَّا كَانَ تَصَرُّفُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute