إمَامًا غَيْرَهُ كَالْجُمُعَةِ الَّتِي لَا تُقَامُ إلَّا بِمَكَانٍ وَاحِدٍ، وَكَالْعِيدَيْنِ وَكَصَلَوَاتِ الْحَجِّ، خَلْفَ إمَامِ الْمَوْسِمِ فَهَذِهِ تُفْعَلُ خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَالْجَمَاعَةِ، وَإِنَّمَا تَدَعُ مِثْلَ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ خَلْفَ الْأَئِمَّةِ أَهْلِ الْبِدَعِ كَالرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ، مِمَّنْ لَا يَرَى الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْقَرْيَةِ إلَّا مَسْجِدٌ وَاحِدٌ، فَصَلَاتُهُ فِي الْجَمَاعَةِ خَلْفَ الْفَاجِرِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ مُنْفَرِدًا؛ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى تَرْكِ الْجَمَاعَةِ مُطْلَقًا.
وَأَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ غَيْرِ الْمُبْتَدِعِ فَهُوَ أَحْسَنُ، وَأَفْضَلُ بِلَا رَيْبٍ. لَكِنْ إنْ صَلَّى خَلْفَهُ فَفِي صَلَاتِهِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ.
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ تَصِحُّ صَلَاتُهُ. وَأَمَّا مَالِكٌ وَأَحْمَدُ، فَفِي مَذْهَبِهِمَا نِزَاعٌ وَتَفْصِيلٌ.
وَهَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الْبِدْعَةِ الَّتِي يُعْلَمُ أَنَّهَا تُخَالِفُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، مِثْلَ بِدَعِ الرَّافِضَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ، وَنَحْوِهِمْ.
فَأَمَّا مَسَائِلُ الدِّينِ الَّتِي يَتَنَازَعُ فِيهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْبِلَادِ، مِثْلَ مَسْأَلَةِ الْحَرْفِ، وَالصَّوْتِ وَنَحْوِهَا، فَقَدْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْمُتَنَازِعَيْنِ مُبْتَدِعًا، وَكِلَاهُمَا جَاهِلٌ مُتَأَوِّلٌ، فَلَيْسَ امْتِنَاعُ هَذَا مِنْ الصَّلَاةِ خَلْفَ هَذَا بِأَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ، فَأَمَّا إذَا ظَهَرَتْ السُّنَّةُ وَعُلِمَتْ فَخَالَفَهَا وَاحِدٌ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي فِيهِ النِّزَاعُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
[مَسْأَلَةٌ الصَّلَاة خَلْف مِنْ يَأْكُل الْحَشِيشَة]
٢٤٦ - ١٦٢ - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ اسْتَفَاضَ عَنْهُ أَنَّهُ يَأْكُلُ الْحَشِيشَةَ، وَهُوَ إمَامٌ فَقَالَ رَجُلٌ: لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَقَالَ: تَجُوزُ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ» فَهَذَا الَّذِي أَنْكَرَ مُصِيبٌ أَمْ مُخْطِئٌ؟ وَهَلْ يَجُوزُ لِآكِلِ الْحَشِيشَةِ أَنْ يَؤُمَّ بِالنَّاسِ؟ وَإِذَا كَانَ الْمُنْكِرُ مُصِيبًا، فَمَا يَجِبُ عَلَى الَّذِي قَامَ عَلَيْهِ؟ وَهَلْ يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ فِي الْمَكَانِ أَنْ يَعْزِلَهُ أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُوَلَّى فِي الْإِمَامَةِ بِالنَّاسِ مَنْ يَأْكُلُ الْحَشِيشَةَ، أَوْ يَفْعَلُ مِنْ الْمُنْكَرَاتِ الْمُحَرَّمَةِ، مَعَ إمْكَانِ تَوْلِيَةِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ.
كَيْفَ وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ قَلَّدَ رَجُلًا عَمَلًا عَلَى عِصَابَةٍ، وَهُوَ يَجِدُ فِي تِلْكَ الْعِصَابَةِ مَنْ هُوَ أَرْضَى لِلَّهِ، فَقَدْ خَانَ اللَّهَ، وَخَانَ رَسُولَهُ، وَخَانَ الْمُؤْمِنِينَ» .
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «اجْعَلُوا أَئِمَّتَكُمْ خِيَارَكُمْ، فَإِنَّهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute