[بَابُ الشُّفْعَةِ]
ِ وَتَثْبُتُ فِي كُلِّ عَقَارٍ يَقْبَلُ قِسْمَةَ الْأَخْيَارِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا فَرِوَايَتَانِ الصَّوَابُ الثُّبُوتُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَاخْتِيَارُ ابْنِ شُرَيْحٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَأَبُو الْوَفَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَتَثْبُتُ شُفْعَةُ الْجِوَارِ مَعَ الشَّرِكَةِ فِي حَقٍّ مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ مِنْ طَرِيقٍ أَوْ مَاءٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ فِي الطَّرِيقِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ لَا يَحِلُّ الِاحْتِيَالُ لِإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُسَلِّمَ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ بِالثَّمَنِ الَّذِي تَرَاضَيَا عَلَيْهِ فِي الْبَاطِنِ إذَا طَالَبَهُ الشَّرِيكُ. وَإِذَا حَابَى الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ مُحَابَاةً خَارِجَةً عَنْ الْعَادَةِ، يُتَوَجَّهُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُهُ إلَّا بِالْقِيمَةِ أَوْ أَنْ لَا شُفْعَةَ لَهُ، فَإِنَّ الْمُحَابَاةَ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَلَا شُفْعَةَ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ إذَا نَقَصَ.
نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ قَالَ الْقَاضِي لِأَنَّ أَخْذَ الشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ يُسْقِطُ حَقَّ الْبَائِعِ مِنْ الْخِيَارِ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالشُّفْعَةِ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ مِنْ الْقَاضِي يَقْتَضِي أَنَّ الْخِيَارَ إذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ فَلِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ كَمَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَوْلَى مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الشِّقْصُ لِمُسْلِمٍ فَلَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ، أَوْ لِذِمِّيٍّ فَتَجِبُ، وَحِينَئِذٍ فَهَلْ الْعِبْرَةُ بِالْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ كِلَاهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَرْبَعُ احْتِمَالَاتٍ.
[بَابُ الْوَدِيعَةِ]
ِ وَلَوْ أَوْدَعَ الْمُودَعُ بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَ وَالْمُودَعُ الثَّانِي لَا يَضْمَنُ إنْ جَهِلَ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَكَذَا الْمُرْتَهَنُ مِنْهُ وَهُوَ وَجْهٌ فِي الْمَذْهَبِ، وَلَوْ قَالَ الْمُودَعُ: أَوْدَعَنِيهَا الْمَيِّتُ وَقَالَ هِيَ لِفُلَانٍ وَقَالَ وَرَثَتُهُ بَلْ هِيَ لَهُ وَلَيْسَتْ لِفُلَانٍ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ لِلْمَيِّتِ وَلَا عَلَى الْإِيدَاعِ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: أَفْتَيْت أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُودَعِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهُ الْيَدُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute