للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا أَنَّ الثَّانِيَةَ تَقَعُ فَرْضًا عَمَّنْ فَعَلَهَا، وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ فِي سَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ: أَنَّ مَنْ فَعَلَهَا أَسْقَطَ بِهَا فَرْضَ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ قَدْ فَعَلَهَا فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَكْتَفِيَ بِإِسْقَاطِ ذَلِكَ، وَبَيْنَ أَنْ يُسْقِطَ الْفَرْضَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ.

وَقِيلَ: بَلْ هِيَ نَافِلَةٌ، وَيَمْنَعُونَ قَوْلَ الْقَائِلِ: إنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ لَا يُتَطَوَّعُ بِهَا، بَلْ قَدْ يُتَطَوَّعُ بِهَا، إذَا كَانَ هُنَاكَ سَبَبٌ يَقْتَضِي ذَلِكَ.

وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَيْنِ الْمَأْخَذَيْنِ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ الْجِنَازَةَ مَنْ لَمْ يُصَلِّ أَوَّلًا: فَهَلْ لِمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا أَوَّلًا أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُ تَبَعًا؟ كَمَا يَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا فِي الْمَكْتُوبَةِ، عَلَى وَجْهَيْنِ.

قِيلَ: لَا يَجُوزُ هُنَا؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ هُنَا نَفْلٌ بِلَا نِزَاعٍ. وَهِيَ لَا يُنْتَفَلُ بِهَا.

وَقِيلَ: بَلْ لَهُ الْإِعَادَةُ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا صَلَّى عَلَى الْقَبْرِ، صَلَّى خَلْفَهُ مَنْ كَانَ قَدْ صَلَّى أَوَّلًا. وَهَذَا أَقْرَبُ، فَإِنَّ هَذِهِ الْإِعَادَةَ بِسَبَبٍ اقْتَضَاهُ، لَا إعَادَةً مَقْصُودَةً وَهَذَا سَائِغٌ فِي الْمَكْتُوبَةِ وَالْجِنَازَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

[مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ يَجِدُ الصَّلَاةَ قَدْ أُقِيمَتْ]

٢٣٧ - ١٥٣ - مَسْأَلَةٌ:

فِيمَنْ يَجِدُ الصَّلَاةَ قَدْ أُقِيمَتْ فَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ صَلَاةُ الْفَرِيضَةِ؟ أَوْ يَأْتِي بِالسُّنَّةِ وَيَلْحَقُ الْإِمَامَ وَلَوْ فِي التَّشَهُّدِ؟ وَهَلْ رَكْعَتَا الْفَجْرِ سُنَّةٌ لِلصُّبْحِ أَمْ لَا؟

الْجَوَابُ: قَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَلَا صَلَاةَ إلَّا الَّتِي أُقِيمَتْ» فَإِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا يَشْتَغِلُ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَلَا بِسُنَّةِ الْفَجْرِ، وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَشْتَغِلُ عَنْهَا بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ.

وَلَكِنْ تَنَازَعُوا فِي سُنَّةِ الْفَجْرِ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ إذَا سَمِعَ الْإِقَامَةَ فَلَا يُصَلِّي السُّنَّةَ لَا فِي بَيْتِهِ وَلَا فِي غَيْرِ بَيْتِهِ. بَلْ يَقْضِيهَا إنْ شَاءَ بَعْدَ الْفَرْضِ.

وَالسُّنَّةُ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ رَكْعَتَيْنِ سُنَّةً، وَالْفَرِيضَةُ رَكْعَتَانِ، وَلَيْسَ بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَالْفَرِيضَةِ سُنَّةٌ إلَّا رَكْعَتَانِ، وَالْفَرِيضَةُ تُسَمَّى صَلَاةَ الْفَجْرِ. وَصَلَاةُ الْغَدَاةِ وَكَذَلِكَ السُّنَّةُ تُسَمَّى سُنَّةَ الْفَجْرِ وَسُنَّةَ الصُّبْحِ، وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>