يُصَلِّ إلَّا الْعَصْرَ. وَذَكَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَعَلَ ذَلِكَ، وَذُكِرَ ذَلِكَ لِابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ: قَدْ أَصَابَ السُّنَّةَ.
وَهَذَا الْمَنْقُولُ هُوَ الثَّابِتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخُلَفَائِهِ وَأَصْحَابِهِ. وَهُوَ قَوْلُ مَنْ بَلَغَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ. وَاَلَّذِينَ خَالَفُوهُ لَمْ يَبْلُغْهُمْ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ السُّنَنِ وَالْآثَارِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ خُطْبَة بَيْنَ صَلَاتَيْنِ كِلَاهُمَا فَرْضٌ لِوَقْتِهَا]
٣٠٤ - ٢٢٠ - مَسْأَلَةٌ:
فِي خُطْبَةٍ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ. كِلَاهُمَا فَرْضٌ لِوَقْتِهَا، فِي سَاعَةٍ مُشْكِلَةِ الْعَيْنِ. وَاعْتِبَارُ الشَّرْطِ فِيهَا كَمَا فِي غَيْرِهَا مِنْ هَيْئَةِ الدِّينِ. كَالظُّهْرِ وَالسُّنَنِ، وَالْوَقْتِ، وَالْقِبْلَةِ أَيْضًا بِالتَّأْذِينِ
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ تَنْزِلُ عَلَى عِدَّةِ مَسَائِلَ، بَعْضُهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَبَعْضُهَا مُتَنَازَعٌ فِيهِ: مِنْهَا إذَا اجْتَمَعَ عِيدٌ وَجُمُعَةٌ فَمَنْ قَالَ: إنَّ الْعِيدَ فَرْضٌ، يَقُولُ: إنَّ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ هِيَ خُطْبَةٌ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ كِلَاهُمَا فَرْضٌ، بِخِلَافِ خُطْبَةِ الْعِيدِ. فَإِنَّهُ يَقُولُ لَيْسَتْ فَرْضًا.
وَإِمَّا أَنْ تَنْزِلَ عَلَى مَا إذَا اعْتَقَدَ جُمُعَتَانِ فِي مَوْضِعٍ لَا تَصِحُّ فِيهِ جُمُعَتَانِ، فَإِنَّهُ تَصِحُّ الْأُولَى وَتَبْطُلُ الثَّانِيَةُ، إذَا كَانَا بِإِذْنِ الْإِمَامِ. فَإِنْ أَشْكَلَ عَيْنُ السَّابِقَةِ بَطَلَتَا جَمِيعًا، وَصَلَّوْا ظُهْرًا. فَالْخُطْبَةُ الَّتِي قَبْلَ الثَّانِيَةِ خُطْبَةٌ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ كِلَاهُمَا فَرْضٌ، إذَا كَانَ الْإِمَامُ قَدْ أَذِنَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَاعْتَقَدُوا أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُقَامُ عِنْدَهُمْ، وَكِلَاهُمَا يَعْتَقِدُ أَنَّ جُمُعَتَهُ فَرْضٌ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَ السَّائِلُ الْفَجْرَ وَالْجُمُعَةَ، فَإِنَّ الْفَجْرَ فَرْضٌ فِي وَقْتِهَا، وَالْجُمُعَةَ فَرْضٌ لِوَقْتِهَا، وَبَيْنَهُمَا خُطْبَةٌ هِيَ خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ.
وَمِنْهَا خُطَبُ الْحَجِّ: فَإِنَّ خُطْبَةَ عَرَفَةَ تَكُونُ بَيْنَ الصَّلَاةِ بِعَرَفَةَ، وَبَيْنَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، فَكِلَاهُمَا فَرْضٌ، وَالْخُطْبَةُ يَوْمَ النَّحْرِ: تَكُونُ بَيْنَ الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ، فَكِلَاهُمَا فَرْضٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute