للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قَاعِدَةٌ فِي الْوَقْفِ الَّذِي يُشْتَرَى بِعِوَضِهِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ]

وَذَلِكَ مِثْلُ الْوَقْفِ الَّذِي أَتْلَفَهُ مُتْلِفٌ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ عِوَضُهُ يُشْتَرَى بِهِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، فَإِنَّ الْوَقْفَ مَضْمُونٌ بِالْإِتْلَافِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَمَضْمُونٌ بِالْيَدِ، فَلَوْ غَصَبَهُ غَاصِبٌ تَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ الْعَادِيَةِ، فَإِنَّ عَلَيْهِ ضَمَانَهُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، لَكِنْ قَدْ تَنَازَعَ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ هَلْ تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ كَالْعَقَارِ، وَفِي بَعْضِهَا هَلْ يَصِحُّ وَقْفُهُ كَالْمَنْقُولِ، وَلَكِنْ لَمْ يَتَنَازَعُوا أَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْإِتْلَافِ بِالْيَدِ كَالْأَمْوَالِ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّهُمْ وَإِنْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ بِالْإِتْلَافِ.

فَقَدْ تَنَازَعُوا هَلْ تُضْمَنُ بِالْيَدِ أَوْ لَا، فَأَكْثَرُهُمْ يَقُولُ هِيَ مَضْمُونَةٌ بِالْيَدِ كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ.

وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَيَقُولُ لَا يُضْمَنُ بِالْيَدِ، وَضَمَانُ الْيَدِ هُوَ ضَمَانُ الْعَقْدِ لِضَمَانِ الْبَائِعِ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ وَسَلَامَتَهُ مِنْ الْعَيْبِ، وَأَنَّهُ بَيْعٌ بِحَقٍّ وَضَمَانُ دَرْكِهِ عَلَيْهِ بِمُوجَبِ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ بِلَفْظِهِ.

مِنْ أُصُولِ الِاشْتِرَاءِ بِبَدَلِ الْوَقْفِ إذَا تَعَطَّلَ نَفْعُ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَهَلْ يَجُوزُ مَعَ كَوْنِهِ فِعْلًا أَنْ يُبَدَّلَ بِخَيْرٍ مِنْهُ فِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِهِ، وَالْجَوَازُ مَذْهَبُ أَبِي ثَوْرٍ وَغَيْرِهِ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ حَيْثُ جَازَ الْبَدَلُ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي الدَّرْبِ أَوْ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْوَقْفُ الْأَوَّلُ أَمْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ أَصْلَحَ لِأَهْلِ الْوَقْفِ، مِثْلَ أَنْ يَكُونُوا مُقِيمِينَ بِبَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِ الْوَقْفِ وَإِذَا اشْتَرَى فِيهِ الْبَدَلَ كَانَ أَنْفَعَ لَهُمْ لِكَثْرَةِ الرُّبُعِ وَيُسْرِ التَّنَاوُلِ، فَيَقُولُ: مَا عَلِمْت أَحَدًا اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْبَدَلُ فِي بَلَدِ الْوَقْفِ الْأَوَّلِ، بَلْ النُّصُوصُ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأُصُولِهِ وَعُمُومُ كَلَامِهِ وَكَلَامِ أَصْحَابِهِ وَإِطْلَاقُهُ يَقْتَضِي أَنْ يُفْعَلَ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ مَصْلَحَةُ أَهْلِ الْوَقْفِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>