للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْرُ عُمَرُ؟ مَعَ عِلْمِ النَّاسِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ أَعْلَمُهُمْ مِنْ فَوْقِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ.

وَلَوْ فُتِحَ هَذَا الْبَابُ لَوَجَبَ أَنْ يَعْرِضَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَيَبْقَى كُلُّ إمَامٍ فِي أَتْبَاعِهِ بِمَنْزِلَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أُمَّتِهِ، وَهَذَا تَبْدِيلٌ لِلدِّينِ يُشْبِهُ مَا عَابَ اللَّهُ بِهِ النَّصَارَى فِي قَوْلِهِ: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: ٣١] .

[مَسْأَلَةٌ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا هَمَّ الْعَبْدُ بِالْحَسَنَةِ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ]

١٠٤٨ - ٢٤ مَسْأَلَةٌ:

فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا هَمَّ الْعَبْدُ بِالْحَسَنَةِ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ» الْحَدِيثَ.

فَإِذَا كَانَ الْهَمُّ سِرًّا بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ فَكَيْفَ تَطَّلِعُ الْمَلَائِكَةُ عَلَيْهِ؟

الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ قَدْ رُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فِي جَوَابِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، قَالَ: إنَّهُ إذَا هَمَّ بِحَسَنَةٍ شَمَّ الْمَلَكُ رَائِحَةً طَيِّبَةً، وَإِذَا هَمَّ بِسَيِّئَةٍ شَمَّ رَائِحَةً خَبِيثَةً، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ اللَّهَ قَادِرٌ أَنْ يُعْلِمَ الْمَلَائِكَةَ بِمَا فِي نَفْسِ الْعَبْدِ كَيْفَ شَاءَ، كَمَا هُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُطْلِعَ بَعْضَ الْبَشَرِ عَلَى مَا فِي الْإِنْسَانِ فَإِذَا كَانَ بَعْضُ الْبَشَرِ قَدْ يَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ مِنْ الْكَشْفِ مَا يَعْلَمُ بِهِ أَحْيَانَا مَا فِي قَلْبِ الْإِنْسَانِ، فَالْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِالْعَبْدِ أَوْلَى بِأَنْ يُعَرِّفَهُ اللَّهُ ذَلِكَ.

وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: ١٦] إنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَلَائِكَةُ، وَاَللَّهُ قَدْ جَعَلَ الْمَلَائِكَةَ تُلْقِي فِي نَفْسِ الْعَبْدِ الْخَوَاطِرَ، كَمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ مَسْعُودٍ: إنْ لِلْمَلَكِ لَمَّةً فَلَمَّةُ الْمَلَكِ تَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ وَوَعْدٌ بِالْخَيْرِ، وَلَمَّةُ الشَّيْطَانِ تَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ وَإِبْعَادٌ بِالشَّرِّ.

وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ: أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَقَرِينُهُ مِنْ الْجِنِّ قَالُوا: وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: وَأَنَا، إلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَلَا يَأْمُرُنِي إلَّا بِخَيْرٍ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>