الْجَوَابُ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ: فَأَكْثَرُهُمْ كَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ يَأْمُرُونَهُ بِطَلَبِ الْمَاءِ، وَإِنْ صَلَّى بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ. وَمَالِكٌ يَأْمُرُهُ أَنْ يُصَلِّيَ لِلْوَقْتِ بِالتَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ إنْ اسْتَيْقَظَ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ الْمَاءَ إلَّا بَعْدَ الْوَقْتِ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ فِي الْوَقْتِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُصَلِّي بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ بِالْغُسْلِ.
وَأَمَّا الْأَوَّلُونَ فَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ هَذِهِ الصُّورَةِ وَنَظَائِرِهَا، وَبَيْنَ صُورَةِ السُّؤَالِ بِأَنَّهُ قَالَ إنَّمَا خُوطِبَ بِالصَّلَاةِ عِنْدَ اسْتِيقَاظِهِ، كَمَا قَالَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» . وَإِذَا كَانَ إنَّمَا أُمِرَ بِهَا بَعْدَ الِانْتِبَاهِ فَعَلَيْهِ بِفِعْلِهَا بِحَسَبِ مَا يُمْكِنُ مِنْ الِاغْتِسَالِ الْمُعْتَادِ، فَيَكُونُ فِعْلُهَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فِعْلًا فِي الْوَقْتِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِالصَّلَاةِ فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ سَافَرَ مَعَ رُفْقَةٍ هُوَ إمَامُهُمْ فَاحْتَلَمَ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْبَرْدِ]
٦٠ - ٤٤ - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ سَافَرَ مَعَ رُفْقَةٍ وَهُوَ إمَامُهُمْ، ثُمَّ احْتَلَمَ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْبَرْدِ، وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَقْتُلَهُ الْبَرْدُ، تَيَمَّمَ وَصَلَّى بِهِمْ، يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةٌ، وَعَلَى مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ ثَلَاثُ مَسَائِلَ. الْأُولَى: أَنَّ تَيَمُّمَهُ جَائِزٌ، وَصَلَاتَهُ جَائِزَةٌ، وَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ وَالْحَالُ هَذِهِ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ، وَقَدْ جَاءَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ فِي السُّنَنِ: «عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ بِالتَّيَمُّمِ فِي السَّفَرِ، وَأَنَّ ذَلِكَ ذُكِرَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَكَذَلِكَ هَذَا مَعْرُوفٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute