فَضْلِ الشَّامِ وَأَهْلِهِ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ. وَدَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى أَنَّ الْبَرَكَةَ فِي أَرْبَعِ مَوَاضِعَ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ ظُهُورَ الْإِسْلَامِ وَأَعْوَانِهِ فِيهِ بِالْقَلْبِ وَالْيَدِ وَاللِّسَانِ أَقْوَى مِنْهُ فِي غَيْرِهِ. وَفِيهِنَّ ظُهُورُ الْإِيمَانِ وَقَمْعُ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ مَا لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ.
وَأَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ حَدِيثِ الْفِطْرِ وَالصِّيَامِ وَأَنَّ الْبَرَكَةَ أَحَدٌ وَسَبْعُونَ جُزْءًا بِالشَّامِ وَالْعِرَاقِ عَلَى مَا ذُكِرَ فَهَذَا لَمْ نَسْمَعْهُ مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ الْعِيد إذَا وَافَقَ الْجُمُعَةَ]
٣٠٢ - ٢١٨ - مَسْأَلَةٌ: فِي رَجُلَيْنِ تَنَازَعَا فِي الْعِيدِ إذَا وَافَقَ الْجُمُعَةَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَجِبُ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِيدَ، وَلَا يُصَلِّي الْجُمُعَةَ؛ وَقَالَ الْآخَرُ: يُصَلِّيهَا. فَمَا الصَّوَابُ فِي ذَلِكَ؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ إذَا اجْتَمَعَ الْجُمُعَةُ وَالْعِيدُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَلِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ شَهِدَ الْعِيدَ. كَمَا تَجِبُ سَائِرُ الْجُمَعِ لِلْعُمُومَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِ الْجُمُعَةِ.
وَالثَّانِي: تَسْقُطُ عَنْ أَهْلِ الْبَرِّ، مِثْلَ أَهْلِ الْعَوَالِي وَالشَّوَاذِّ؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَرْخَصَ لَهُمْ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ لَمَّا صَلَّى بِهِمْ الْعِيدَ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّ مَنْ شَهِدَ الْعِيدَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْجُمُعَةُ، لَكِنْ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ الْجُمُعَةَ لِيَشْهَدَهَا مَنْ شَاءَ شُهُودَهَا، وَمَنْ لَمْ يَشْهَدْ الْعِيدَ. وَهَذَا هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ: كَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمْ. وَلَا يُعْرَفُ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ.
وَأَصْحَابُ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمِينَ لَمْ يَبْلُغْهُمْ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا اجْتَمَعَ فِي يَوْمِهِ عِيدَانِ صَلَّى الْعِيدَ ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ، وَفِي لَفْظٍ أَنَّهُ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ إنَّكُمْ قَدْ أَصَبْتُمْ خَيْرًا، فَمَنْ شَاءَ أَنْ يَشْهَدَ الْجُمُعَةَ فَلْيَشْهَدْ، فَإِنَّا مُجَمِّعُونَ» .
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إذَا شَهِدَ الْعِيدَ حَصَلَ مَقْصُودُ الِاجْتِمَاعِ، ثُمَّ إنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ إذَا لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute