وَمِثْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَمْ تَكُنْ تُعْرَفُ فِي السَّلَفِ إلَّا إذَا كَانَ مُدْرِكًا لِمَسْجِدٍ آخَرَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ إمَامَانِ رَاتِبَانِ، وَكَانَتْ الْجَمَاعَةُ تَتَوَفَّرُ مَعَ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ صَلَاتَهُ مَعَ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةً وَلَوْ رَكْعَةً خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَلَوْ كَانَ جَمَاعَةً، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ صَلَّى فَرْضَهُ ثُمَّ أَتَى مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَوَجَدَهُمْ يُصَلُّونَ]
٢٣٥ - ١٥١ - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ صَلَّى فَرْضَهُ، ثُمَّ أَتَى مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَوَجَدَهُمْ يُصَلُّوا، فَهَلْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْجَمَاعَةِ مِنْ الْفَائِتِ؟ .
الْجَوَابُ: إذَا صَلَّى الرَّجُلُ الْفَرِيضَةَ ثُمَّ أَتَى مَسْجِدًا تُقَامُ فِيهِ تِلْكَ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّهَا مَعَهُمْ، سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ لِرَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَ النَّاسِ: فَقَالَ: «مَا لَكُمَا لَمْ تُصَلِّيَا؟ أَلَسْتُمَا مُسْلِمَيْنِ؟ فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا، فَقَالَ: إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ، فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» .
وَمَنْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يُبَادِرَ إلَى قَضَائِهَا عَلَى الْفَوْرِ، سَوَاءٌ فَاتَتْهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، كَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَغَيْرِهِمْ.
وَكَذَلِكَ الرَّاجِحُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا إذَا فَاتَتْ عَمْدًا كَانَ قَضَاؤُهَا وَاجِبًا عَلَى الْفَوْرِ.
وَإِذَا صَلَّى مَعَ الْجَمَاعَةِ نَوَى بِالثَّانِيَةِ مُعَادَةً، وَكَانَتْ الْأُولَى فَرْضًا وَالثَّانِيَةُ نَفْلًا عَلَى الصَّحِيحِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ وَغَيْرُهُ.
وَقِيلَ: الْفَرْضُ أَكْمَلُهُمَا، وَقِيلَ: ذَلِكَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ إعَادَة الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ]
٢٣٦ - ١٥٢ - مَسْأَلَةٌ:
فِي حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: «شَهِدْت حَجَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَلَّيْتُ مَعَهُ صَلَاةَ الصُّبْحِ فِي مَسْجِدِ الْخِيفِ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ وَانْحَرَفَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ فِي أُخْرَيَاتِ الْقَوْمِ لَمْ يُصَلِّيَا، فَقَالَ: عَلَيَّ بِهِمَا، فَإِذَا بِهِمَا تَرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute