للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ؛ أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ؛ فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ» . وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ

أَنَّهُ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ وَالْمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ» . فَقَدْ لَعَنَ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا عَلَى قَبْرٍ؛ وَيُوقِدُ فِيهِ سُرُجًا، مِثْلَ: قِنْدِيلٍ وَشَمْعَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَكَيْفَ يُصْرَفُ مَالُ أَحَدِهِمْ إلَى مَا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ وَيُتْرَكُ صَرْفُ مَا شَرَطَ لَهُمْ؛ مَعَ اسْتِحْقَاقِهِمْ ذَلِكَ فِي دِينِ اللَّهِ؟ ، نَعَمْ لَوْ كَانَ هَذَا مَسْجِدًا لِلَّهِ خَالِيًا عَنْ قَبْرٍ لَكَانُوا هُمْ وَهُوَ فِي تَنَاوُلِ شَرْطِ الْوَاقِفِ لَهُمَا سَوَاءً. أَمَّا مَا يُصْرَفُ لِبِنَاءِ الْمَشْهَدِ فَمَعْصِيَةٌ لِلَّهِ. وَالصَّرْفُ إلَيْهِمْ وَاجِبٌ. وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ مُنْفَصِلًا عَنْ الْقَبْرِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ؛ وَلَكِنْ لَا فَضِيلَةَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى مَدْرَسَةٍ وَاشْتَرَطَ شرطا]

٨٤٩ - ٨ مَسْأَلَةٌ:

فِي رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى مَدْرَسَةٍ وَشَرَطَ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ أَنَّهُ لَا يَنْزِلُ بِالْمَدْرَسَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَظِيفَةٌ بِجَامِكِيَّةٍ وَلَا مُرَتَّبٌ.

وَأَنَّهُ لَا يُصْرَفُ رِيعُهَا لِمَنْ لَهُ مُرَتَّبٌ فِي جِهَةٍ أُخْرَى؛ وَشَرَطَ لِكُلِّ طَالِبٍ جَامَكِيَّةً مَعْلُومَةً، فَهَلْ يَصِحُّ هَذَا الشَّرْطُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؛ وَإِذَا صَحَّ فَنَقَصَ رِيعُ الْوَقْفِ؛ وَلَمْ يَصِلْ كُلُّ طَالِبٍ إلَى الْجَامِكِيَّةِ الْمُقَرَّرَةِ لَهُ، فَهَلْ يَجُوزُ لِلطَّالِبِ أَنْ يَتَنَاوَلَ جَامَكِيَّةً فِي مَكَان آخَرَ؟ وَإِذَا نَقَصَ رِيعُ الْوَقْفِ وَلَمْ يُصَلِّ كُلُّ طَالِبٍ إلَى تَمَامِ حَقِّهِ، فَهَلْ يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ أَنْ يُبْطِلَ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ أَمْ لَا؟ وَإِذَا حَكَمَ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ حَاكِمٌ، هَلْ يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ .

الْجَوَابُ: أَصْلُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ إنْ كَانَ قُرْبَةً وَطَاعَةً لِلَّهِ وَرَسُولِهِ كَانَ صَحِيحًا؛ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا لَازِمًا. وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا، كَمَا لَمْ يُسَوِّغْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السَّبْقَ إلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ؛ وَإِنْ كَانَتْ الْمُسَابَقَةُ بِلَا عِوَضٍ قَدْ جَوَّزَهَا بِالْأَقْدَامِ وَغَيْرِهَا؛ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي مَالِ الْفَيْءِ: {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: ٧]

<<  <  ج: ص:  >  >>