للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: ٣٤] . وَفِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا} [المجادلة: ١١] إلَى قَوْله تَعَالَى: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: ١١] . يُبَيِّنُ لَنَا شَيْخُنَا هَذَا النُّشُوزَ مِنْ ذَاكَ؟

الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. " النُّشُوزُ " فِي قَوْله تَعَالَى: {تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء: ٣٤] هُوَ: أَنْ تَنْشِزَ عَنْ زَوْجِهَا فَتَنْفِرَ عَنْهُ بِحَيْثُ لَا تُطِيعُهُ إذَا دَعَاهَا لِلْفِرَاشِ، أَوْ تَخْرُجَ مِنْ مَنْزِلِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ امْتِنَاعٌ عَمَّا يَجِبُ عَلَيْهَا مِنْ طَاعَتِهِ.

وَأَمَّا " النُّشُوزُ " فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا} [المجادلة: ١١] فَهُوَ النُّهُوضُ وَالْقِيَامُ وَالِارْتِفَاعُ. وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ الِارْتِفَاعُ وَالْغِلَظُ، وَمِنْهُ النَّشَزُ مِنْ الْأَرْضِ؛ وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ الْغَلِيظُ. وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا} [البقرة: ٢٥٩] أَيْ نَرْفَعُ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ. وَمَنْ قَرَأَ نَنْشُرُهَا أَرَادَ نُحْيِيهَا. فَسَمَّى الْمَرْأَةَ الْعَاصِيَةَ نَاشِزًا لِمَا فِيهَا مِنْ الْغِلَظِ وَالِارْتِفَاعِ عَنْ طَاعَةِ زَوْجِهَا، وَسُمِّيَ النُّهُوضُ نُشُوزًا لِأَنَّ الْقَاعِدَ يَرْتَفِعُ مِنْ الْأَرْضِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ شَافِعِيّ الْمَذْهَبِ بَانَتْ مِنْهُ زَوْجَتُهُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثَ]

٥٨٨ - ٥١ مَسْأَلَةٌ:

فِي رَجُلٍ شَافِعِيِّ الْمَذْهَبِ بَانَتْ مِنْهُ زَوْجَتُهُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثَ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ وَبَانَتْ مِنْ الزَّوْجِ الثَّانِي، ثُمَّ أَرَادَتْ صُلْحَ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ، لِأَنَّ لَهَا مِنْهُ أَوْلَادًا، فَقَالَ لَهَا: إنَّنِي لَسْت قَادِرًا عَلَى النَّفَقَةِ وَعَاجِزٌ عَنْ الْكِسْوَةِ فَأَبَتْ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهَا: كُلَّمَا حَلَلْت لِي حَرُمْت عَلَيَّ، فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ؟ وَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ؟

الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، لَكِنْ فِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>