وَالثَّانِي: عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ، إمَّا كَفَّارَةُ ظِهَارٍ فِي قَوْلٍ وَإِمَّا كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي قَوْلٍ آخَرَ، وَكَذَلِكَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا، إنَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ، لَكِنْ فِي التَّكْفِيرِ نِزَاعٌ، وَإِنَّمَا يَقُولُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِمِثْلِ هَذِهِ مَنْ يُجَوِّزُ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ عَلَى النِّكَاحِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ، بِشَرْطِ أَنْ يَرَى الْحَرَامَ طَلَاقًا. كَقَوْلِ مَالِكٍ، وَإِذَا نَوَاهُ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فَعِنْدَهُمَا لَوْ قَالَ: كُلَّمَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتَ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ بِهِ الطَّلَاقُ، فَكَيْفَ فِي الْحَرَامِ؟ لَكِنَّ أَحْمَدَ يُجَوِّزُ عَلَيْهِ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ تَصْحِيحَ الظِّهَارِ قَبْلَ الْمِلْكِ بِخِلَافِ الشَّافِعِيِّ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
٥٨٩ - ٥٢ - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ حُنِقَ مِنْ زَوْجَتِهِ فَقَالَ: إنْ بَقِيت أَنْكِحُك أَنْكِحُ أُمِّي تَحْتَ سُتُورِ الْكَعْبَةِ. هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُصَالِحَهَا؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، إذَا نَكَحَهَا فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ: عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكَيْنَا، وَلَا يَمَسَّهَا حَتَّى يُكَفِّرَ.
٥٩٠ - ٥٣ - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلَيْنِ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: يَا أَخِي، لَا تَفْعَلْ هَذِهِ الْأُمُورَ بَيْنَ يَدَيْ امْرَأَتِك، قَبِيحٌ عَلَيْك، فَقَالَ: مَا هِيَ إلَّا مِثْلُ أُمِّي. فَقَالَ: لِأَيِّ شَيْءٍ قُلْت؟ سَمِعْت أَنَّهَا تَحْرُمُ بِهَذَا اللَّفْظِ، ثُمَّ كَرَّرَ عَلَى نَفْسِهِ، وَقَالَ: إي وَاَللَّهِ هِيَ عِنْدِي مِثْلُ أُمِّي: هَلْ تَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجِ بِهَذَا اللَّفْظِ؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: إنَّهَا مِثْلُ أُمِّي أَنَّهَا تَسْتُرُ عَلَيَّ وَلَا تَهْتِكُنِي وَلَا تَلُومُنِي، كَمَا تَفْعَلُ الْأُمُّ مَعَ وَلَدِهَا، فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ؛ فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: يَا أُخْتِي، فَأَدَّبَهُ - وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا لَمْ يُؤَدَّبْ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ الْعُقُوبَةَ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْ الْمُنْكَرِ - وَقَالَ أُخْتُك هِيَ؟ ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ الْإِنْسَانُ امْرَأَتَهُ كَأُمِّهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute