للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةُ يَتَمَضْمَضُونَ، وَيَسْتَنْشِقُونَ مَعَ الصَّوْمِ. لَكِنْ «قَالَ لِلَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ: وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» . فَنَهَاهُ عَنْ الْمُبَالَغَةِ؛ لَا عَنْ الِاسْتِنْشَاقِ.

وَأَمَّا السِّوَاكُ فَجَائِزٌ بِلَا نِزَاعٍ، لَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي كَرَاهِيَتِهِ بَعْدَ الزَّوَالِ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ، هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ. وَلَمْ يَقُمْ عَلَى كَرَاهِيَتِهِ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ يَصْلُحُ أَنْ يَخُصَّ عُمُومَاتِ نُصُوصِ السِّوَاكِ، وَقِيَاسُهُ عَلَى دَمِ الشَّهِيدِ وَنَحْوِهِ ضَعِيفٌ مِنْ وُجُوهٍ، كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ.

وَذَوْقُ الطَّعَامِ يُكْرَهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ؛ لَكِنْ لَا يُفْطِرُهُ. وَأَمَّا لِلْحَاجَةِ فَهُوَ كَالْمَضْمَضَةِ وَأَمَّا الْقَيْءُ: فَإِذَا اسْتِقَاءَ: أَفْطَرَ، وَإِنْ غَلَبَهُ الْقَيْءُ لَمْ يُفْطِرْ. وَالِادِّهَانُ: لَا يُفْطِرُ بِلَا رَيْبٍ.

وَأَمَّا خُرُوجُ الدَّمِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ، كَدَمِ الْمُسْتَحَاضَةِ، وَالْجُرُوحِ، وَاَلَّذِي يُرْعَفُ، وَنَحْوُهُ، فَلَا يُفْطِرُ، وَخُرُوجُ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ يُفْطِرُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.

وَأَمَّا الِاحْتِجَامُ: فَفِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ، وَمَذْهَبُ أَحْمَدَ وَكَثِيرٍ مِنْ السَّلَفِ أَنَّهُ يُفْطِرُ، وَالْفِصَادُ وَنَحْوُهُ فِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِهِ أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ كَالِاحْتِجَامِ.

وَمَذْهَبُهُ فِي الْكُحْلِ الَّذِي يَصِلُ إلَى الدِّمَاغِ، أَنَّهُ يُفْطِرُ، كَالطِّيبِ وَالْحَاجَةِ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ نَحْوُ ذَلِكَ، وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَلَا يَرَيَانِ الْفِطْرَ بِذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[افْتَصَدَ بِسَبَبِ وَجَعِ رَأْسِهِ وَهُوَ صَائِمٌ]

٣٤٩ - ١٩ - وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، عَنْ رَجُلٍ افْتَصَدَ بِسَبَبِ وَجَعِ رَأْسِهِ وَهُوَ صَائِمٌ، هَلْ يُفْطِرُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ؟ أَمْ لَا؟ وَهَلْ إذَا أُعْلِمَ أَنَّهُ يُفْطِرُ إذَا افْتَصَدَ، يَأْثَمُ أَمْ لَا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>