[مِنْ يُصَلِّي وَقْتًا وَيَتْرُكُ الصَّلَاةَ كَثِيرًا]
سُئِلَ: عَنْ رَجُلٍ يُصَلِّي وَقْتًا، وَيَتْرُكُ الصَّلَاةَ كَثِيرًا، أَوْ لَا يُصَلِّي، هَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ؟
أَجَابَ: مِثْلُ هَذَا مَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ، بَلَى الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ النِّفَاقَ يُصَلِّي الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ، وَيُغَسَّلُونَ، وَتَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ. كَمَا كَانَ الْمُنَافِقُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَإِنْ كَانَ مَنْ عَلِمَ نِفَاقَ شَخْصٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ. كَمَا نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ عُلِمَ نِفَاقُهُ.
وَأَمَّا مَنْ شُكَّ فِي حَالِهِ فَتَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، إذَا كَانَ ظَاهِرَ الْإِسْلَامِ. كَمَا صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنْ لَمْ يُنْهَ عَنْهُ، وَكَانَ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ نِفَاقُهُ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} [التوبة: ١٠١] وَمِثْلُ هَؤُلَاءِ لَا يَجُوزُ النَّهْيُ عَنْهُ، وَلَكِنَّ صَلَاةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْمُنَافِقِ لَا تَنْفَعُهُ، «كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَلْبَسَ ابْنَ أُبَيٍّ قَمِيصَهُ وَمَا يُغْنِي عَنْهُ قَمِيصِي مِنْ اللَّهِ» وَقَالَ تَعَالَى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [المنافقون: ٦] .
وَتَارِكُ الصَّلَاةِ أَحْيَانًا، وَأَمْثَالُهُ مِنْ الْمُتَظَاهِرِينَ بِالْفِسْقِ، فَأَهْلُ الْعِلْمِ وَالدِّينِ إذَا كَانَ فِي هَجْرِ هَذَا، وَتَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مَنْفَعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ بِحَيْثُ يَكُونُ ذَلِكَ بَاعِثًا لَهُمْ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ [هَجَرُوهُ وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَيْهِ] ، كَمَا تَرَكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَاةَ عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ وَالْغَالِّ، وَالْمَدِينِ الَّذِي لَا وَفَاءَ لَهُ، وَهَذَا شَرٌّ مِنْهُمْ.
فَصْلٌ
قَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ امْتَنَعَ عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَتَّى يُخَلِّفَ وَفَاءً، قَبْلَ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ وَفَاءِ الدَّيْنِ عَنْهُ، فَلَمَّا تَمَكَّنَ صَارَ هُوَ يُوفِيهِ مِنْ عِنْدِهِ، فَصَارَ الْمَدِينُ يُخَلِّفُ وَفَاءً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute