الَّتِي تُحَبُّ وَيُؤْجَرُ الْإِنْسَانُ عَلَى كِتَابَتِهَا سَوَاءٌ كَتَبَهَا لِنَفْسِهِ أَوْ كَتَبَهَا لِبَيْعِهَا، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَةً الْجَنَّةَ: صَانِعَهُ، وَالرَّامِيَ بِهِ، وَالْمُمِدَّ بِهِ» فَالْكِتَابَةُ كَذَلِكَ لِيَنْتَفِعَ بِهِ أَوْ لِيَنْتَفِعَ بِهِ غَيْرُهُ كِلَاهُمَا يُثَابُ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا كُتُبُ الْمَنْطِقِ فَتِلْكَ لَا تَشْتَمِلُ عَلَى عِلْمٍ يُؤْمَرُ بِهِ شَرْعًا، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَدَّى اجْتِهَادُ بَعْضِ النَّاسِ إلَى أَنَّهُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إنَّ الْعُلُومَ لَا تَقُومُ إلَّا بِهِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو حَامِدٍ فَهَذَا غَلَطٌ عَظِيمٌ عَقْلًا وَشَرْعًا - أَمَّا عَقْلًا فَإِنَّ جَمِيعَ عُقَلَاءِ بَنِي آدَمَ مِنْ جَمِيعِ أَصْنَافِ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي الْعِلْمِ حَرَزُوا عُلُومَهُمْ بِدُونِ الْمَنْطِقِ الْيُونَانِيِّ - وَأَمَّا شَرْعًا فَإِنَّهُ مِنْ الْمَعْلُومِ بِالِاضْطِرَارِ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُوجِبْ تَعَلُّمَ هَذَا الْمَنْطِقِ الْيُونَانِيِّ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ - وَأَمَّا هُوَ فِي نَفْسِهِ فَبَعْضُهُ حَقٌّ وَبَعْضُهُ بَاطِلٌ وَالْحَقُّ الَّذِي فِيهِ كَثِيرٌ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرُهُ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ وَالْقَدْرُ الَّذِي يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْهُ فَأَكْثَرُ الْفِطَرِ السَّلِيمَةِ تَسْتَقِلُّ بِهِ وَالْبَلِيدُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَالذَّكِيُّ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَمَضَرَّتُهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ خَبِيرًا بِعُلُومِ الْأَنْبِيَاءِ أَكْثَرُ مِنْ نَفْعِهِ فَإِنَّ فِيهِ مِنْ الْقَوَاعِدِ السَّلْبِيَّةِ الْفَاسِدَةِ مَا رَاجَتْ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْفُضَلَاءِ وَكَانَتْ سَبَبَ نِفَاقِهِمْ وَفَسَادِ عُلُومِهِمْ - قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّهُ كُلُّهُ حَقٌّ كَلَامٌ بَاطِلٌ بَلْ فِي كَلَامِهِ فِي الْحَدِّ وَالصِّفَاتِ الذَّاتِيَّةِ وَالْعَرَضِيَّةِ وَأَقْسَامِ الْقِيَاسِ وَالْبُرْهَانِ وَمَوَارِدِهِ مِنْ الْفَسَادِ مَا قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ عَنْ اللَّهِ قَالَ مَا وَسِعَنِي لَا سَمَائِي وَلَا أَرْضِي وَلَكِنْ وَسِعَنِي قَلْبُ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ]
١٠٤٣ - ١٩ مَسْأَلَةٌ:
سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ عَمَّا يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: «مَا وَسِعَنِي لَا سَمَائِي وَلَا أَرْضِي وَلَكِنْ وَسِعَنِي قَلْبُ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ» . أَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. هَذَا مَا ذَكَرُوهُ فِي الْإسْرَائِيلِيّات ت لَيْسَ لَهُ إسْنَادٌ مَعْرُوفٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَمَعْنَاهُ وَضَعَ فِي قَلْبِهِ مَحَبَّتِي وَمَعْرِفَتِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute