وَثَمَّ تَفَاسِيرُ أُخَرُ كَثِيرَةٌ جِدًّا كَتَفْسِيرِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ.
وَأَمَّا كِتَابُ قُوتِ الْقُلُوبِ، وَكِتَابُ الْإِحْيَاءِ تَبَعٌ لَهُ فِيمَا يَذْكُرُهُ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ، مِثْلُ الصَّبْرِ، وَالشُّكْرِ، وَالْحُبِّ، وَالتَّوَكُّلِ، وَالتَّوْحِيدِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَأَبُو طَالِبٍ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ وَالْأَثَرِ وَكَلَامِ أَهْلِ عُلُومِ الْقُلُوبِ مِنْ الصُّوفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَبِي حَامِدٍ الْغَزَالِيِّ وَكَلَامُهُ أَشَدُّ وَأَجْوَدُ تَحْقِيقًا وَأَبْعَدُ عَنْ الْبِدْعَةِ مَعَ أَنَّ فِي قُوتِ الْقُلُوبِ أَحَادِيثُ ضَعِيفَةٌ وَمَوْضُوعَةٌ وَأَشْيَاءُ مَرْدُودَةٌ كَثِيرَةٌ.
وَأَمَّا مَا فِي الْإِحْيَاءِ مِنْ الْمُهْلِكَاتِ مِثْلِ الْكَلَامِ عَلَى الْكِبْرِ، وَالْعُجْبِ، وَالرِّيَاءِ، وَالْحَسَدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَغَالِبُهُ مَنْقُولٌ مِنْ كَلَامِ الْحَارِثِ الْمُحَاسَبِيِّ فِي " الرِّعَايَةِ " - وَمِنْهُ مَا هُوَ مَقْبُولٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ مَرْدُودٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ مُتَنَازَعٌ فِيهِ، وَالْإِحْيَاءُ فِيهِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ، لَكِنَّ فِيهِ مَوَادَّ مَذْمُومَةً، فَإِنَّ فِيهِ مَوَادَّ فَاسِدَةً مِنْ كَلَامِ الْفَلَاسِفَةِ تَتَعَلَّقُ بِالتَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ وَالْمَعَادِ - فَإِذَا ذُكِرَتْ مَعَارِفُ الصُّوفِيَّةِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَخَذَ عَدُوًّا لِلْمُسْلِمِينَ أَلْبَسَهُ ثِيَابَ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ أَنْكَرَ أَئِمَّةُ الدِّينِ عَلَى أَبِي حَامِدٍ هَذَا فِي كُتُبِهِ وَقَالُوا: أَمْرَضَهُ الشِّفَاءُ يَعْنِي شِفَاءَ ابْنِ سِينَا فِي الْفَلْسَفَةِ - وَفِيهِ أَحَادِيثُ وَآثَارٌ ضَعِيفَةٌ، بَلْ مَوْضُوعَةٌ كَثِيرَةٌ وَفِيهِ أَشْيَاءُ مِنْ أَغَالِيطِ الصُّوفِيَّةِ وَتُرَّهَاتِهِمْ، وَفِيهِ مَعَ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْمَشَايِخِ الصُّوفِيَّةِ الْعَارِفِينَ الْمُسْتَقِيمِينَ فِي أَعْمَالِ الْقُلُوبِ الْمُوَافِقِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمِنْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَالْأَدَبِ مَا هُوَ مُوَافِقٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِمَّا يَرِدُ مِنْهُ فَلِهَذَا اخْتَلَفَ فِيهِ اجْتِهَادُ النَّاسِ وَتَنَازَعُوا فِيهِ.
وَأَمَّا كُتُبُ الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفَةُ مِثْلُ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ فَلَيْسَ تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ كِتَابٌ أَصَحُّ مِنْ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ بَعْدَ الْقُرْآنِ وَبَعْدَهُمَا مَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا، مِثْلُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ لِلْحُمَيْدِيِّ، وَلِعَبْدِ الْحَقِّ الْإِشْبِيلِيِّ، وَبَعْدَ ذَلِكَ كُتُبُ السُّنَنِ كَسُنَنِ أَبِي دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَجَامِعِ التِّرْمِذِيِّ، وَالْمَسَانِيدُ كَمُسْنَدِ الشَّافِعِيِّ، وَمُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَمُوَطَّإِ مَالِكٍ فِيهِ الْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ أَجَلِّ الْكُتُبِ حَتَّى قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ بَعْدَ كِتَابِ اللَّهِ أَصَحُّ مِنْ مُوَطَّإِ مَالِكٍ يَعْنِي بِذَلِكَ مَا صُنِّفَ عَلَى طَرِيقَتِهِ، فَإِنَّ الْمُتَقَدِّمِينَ كَانُوا يَجْمَعُونَ فِي الْبَابِ بَيْنَ الْمَأْثُورِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَلَمْ تَكُنْ وُضِعَتْ كُتُبُ الرَّأْيِ الَّتِي تُسَمَّى كُتُبُ الْفِقْهِ.
وَبَعْدَ هَذَا جَمْعُ الْحَدِيثِ الْمُسْنَدِ فِي جَمْعِ الصَّحِيحِ لِلْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَالْكُتُبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute