للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَلَامَةٌ مِنْ الْبِدَعِ وَإِنْ ذَكَرَهَا تَقْلِيدًا لِغَيْرِهِ، وَتَفْسِيرُهُ وَتَفْسِيرُ الْوَاحِدِيِّ الْبَسِيطِ وَالْوَسِيطِ وَالْوَجِيزِ فِيهَا فَوَائِدُ جَلِيلَةٌ، وَفِيهَا غَثٌّ كَثِيرٌ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ الْبَاطِلَةِ وَغَيْرِهَا.

وَأَمَّا الزَّمَخْشَرِيُّ فَتَفْسِيرُهُ مَحْشُوٌّ بِالْبِدْعَةِ، وَعَلَى طَرِيقَةِ الْمُعْتَزِلَةِ، مِنْ إنْكَارِ الصِّفَاتِ وَالرُّؤْيَةِ وَالْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَأَنْكَرَ أَنَّ اللَّهَ مُرِيدٌ لِلْكَائِنَاتِ وَخَالِقٌ لِأَفْعَالِ الْعِبَادِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أُصُولِ الْمُعْتَزِلَةِ.

وَأُصُولُهُمْ خَمْسَةٌ يُسَمُّونَهَا التَّوْحِيدُ وَالْعَدْلُ وَالْمَنْزِلَةُ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ وَإِنْفَاذُ الْوَعِيدِ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ، لَكِنَّ مَعْنَى التَّوْحِيدِ عِنْدَهُمْ يَتَضَمَّنُ نَفْيَ الصِّفَاتِ وَلِهَذَا سَمَّى ابْنُ التومرت أَصْحَابَهُ الْمُوَحِّدِينَ، وَهَذَا إنَّمَا هُوَ إلْحَادٌ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ، وَمَعْنَى الْعَدْلِ عِنْدَهُمْ يَتَضَمَّنُ التَّكْذِيبَ بِالْقَدَرِ، وَهُوَ خَلْقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَإِرَادَةُ الْكَائِنَاتِ وَالْقُدْرَةُ عَلَى شَيْءٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُنْكِرُ مُقَدَّمَ الْعِلْمِ وَالْكِتَابِ لَكِنَّ هَذَا قَوْلُ أَئِمَّتِهِمْ وَهَؤُلَاءِ مَنْصِبُ الزَّمَخْشَرِيِّ فَإِنَّ مَذْهَبَهُ مَذْهَبُ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَلِيٍّ وَأَبِي هَاشِمٍ وَأَتْبَاعِهِمْ وَمَذْهَبُ أَبِي الْحُسَيْنِ.

وَالْمُعْتَزِلَةِ الَّذِينَ عَلَى طَرِيقَتِهِ نَوْعَانِ مُسَايِخِيَّةٌ وَخَشَبِيَّةٌ، وَأَمَّا الْمَنْزِلَةُ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ فَهِيَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْفَاسِقَ لَا يُسَمَّى مُؤْمِنًا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَمَا لَا يُسَمَّى كَافِرًا فَنَزَّلُوهُ بَيْنَ مَنْزِلَتَيْنِ وَإِنْفَاذُ الْوَعِيدِ عِنْدَهُمْ مَعْنَاهُ أَنَّ فُسَّاقَ الْمِلَّةِ مُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ لَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا بِشَفَاعَةٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا تَقُولُهُ الْخَوَارِجُ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ يَتَضَمَّنُ عِنْدَهُمْ جَوَازَ الْخُرُوجِ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَقِتَالِهِمْ بِالسَّيْفِ - وَهَذِهِ الْأُصُولُ حَشَا كِتَابَهُ بِعِبَارَةٍ لَا يَهْتَدِي أَكْثَرُ النَّاسِ إلَيْهَا وَلَا لِمَقَاصِدِهِ فِيهَا، مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَةِ وَمِنْ قِلَّةِ النَّقْلِ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.

وَتَفْسِيرُ الْقُرْطُبِيِّ خَيْرٌ مِنْهُ بِكَثِيرٍ وَأَقْرَبُ إلَى طَرِيقَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَبْعَدُ عَنْ الْبِدَعِ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ مَنْ كَتَبَ هَذِهِ الْكُتُبَ لَا بُدَّ أَنْ تَشْتَمِلَ عَلَى مَا يُنْقَدُ لَكِنْ يَجِبُ الْعَدْلُ بَيْنَهَا وَإِعْطَاءُ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ.

وَتَفْسِيرُ ابْنِ عَطِيَّةَ خَيْرٌ مِنْ تَفْسِيرِ الزَّمَخْشَرِيِّ وَأَصَحُّ نَقْلًا وَبَحْثًا وَأَبْعَدُ عَنْ الْبِدَعِ وَإِنْ اشْتَمَلَ عَلَى بَعْضِهَا بَلْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ بِكَثِيرٍ بَلْ لَعَلَّهُ أَرْجَحُ هَذِهِ التَّفَاسِيرِ لَكِنَّ تَفْسِيرَ ابْنِ جَرِيرٍ أَصَحُّ مِنْ هَذِهِ كُلِّهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>