للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعُلَمَاءِ أَنَّ اسْمَ الْخَمْرِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مُخْتَصٌّ بِذَلِكَ. وَقَدْ تَوَاتَرَتْ الْأَحَادِيثُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعُمُومِهِ، وَنَظَائِرُ هَذَا كَثِيرَةٌ.

وَبِسَبَبِ هَذَا الِاشْتِرَاكِ الْحَادِثِ غَلِطَ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فِي فَهْمِ الْخِطَابِ بِلَفْظِ السَّعْيِ مِنْ هَذَا الْبَابِ، فَإِنَّهُ فِي الْأَصْلِ عَامٌّ فِي كُلِّ ذَهَابٍ وَمُضِيٍّ، وَهُوَ السَّعْيُ الْمَأْمُورُ بِهِ فِي الْقُرْآنِ، وَقَدْ يُخَصُّ أَحَدُ النَّوْعَيْنِ بِاسْمِ الْمَشْيِ، فَيَبْقَى لَفْظُ السَّعْيِ مُخْتَصًّا بِالنَّوْعِ الْآخَرِ، وَهَذَا هُوَ السَّعْيُ الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ قَالَ: «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعُونِ، وَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَمْشُونَ» وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَقْرَأُ: (فَامْضُوا) وَيَقُولُ: لَوْ قَرَأْتهَا فَاسْعَوْا لَعَدَوْت حَتَّى يَكُونَ كَذَا، وَهَذَا إنْ صَحَّ عَنْهُ فَيَكُونُ قَدْ اعْتَقَدَ أَنَّ لَفْظَ السَّعْيِ هُوَ الْخَاصُّ.

وَمِمَّا يُشْبِهُ هَذَا: السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يُهَرْوِلُ فِي بَطْنِ الْوَادِي بَيْنَ الْمِيلَيْنِ. ثُمَّ لَفْظُ السَّعْيِ يُخَصُّ بِهَذَا. وَقَدْ يُجْعَلُ لَفْظُ السَّعْيِ عَامًّا لِجَمِيعِ الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، لَكِنْ هَذَا كَأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ بَعْضَهُ سَعْيٌ خَاصٌّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ التَّأَخُّرُ عَنْ الصَّفِّ الْأَوَّلِ]

١٥٠ - ٦٦ مَسْأَلَةٌ:

فِي أَقْوَامٍ يَبْتَدِرُونَ الصَّلَاةَ قَبْلَ النَّاسِ، وَقَبْلَ تَكْمِيلِ الصُّفُوفِ وَيَتَّخِذُونَ لَهُمْ مَوَاضِعَ دُونَ الصَّفِّ، فَهَلْ يَجُوزُ التَّأَخُّرُ عَنْ الصَّفِّ الْأَوَّلِ؟

الْجَوَابُ: قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أَلَا تُصَفُّونَ كَمَا تُصَفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ كَيْفَ تُصَفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قَالَ: يَسُدُّونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ» . وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ، وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ» وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ: «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>