رَسُولِهِ وَالْآخَرُ لِيَتَزَوَّجَ امْرَأَةً لَكَانَتْ تِلْكَ الْأَعْمَالُ مُفْتَرِقَةً عِنْدَ اللَّهِ وَفِي الْحُكْمِ الَّذِي بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ اللَّهِ وَكَذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ الْعِبَادِ إذَا ظَهَرَ لَهُمْ الْمَقْصِدُ.
وَمَنْ تَأَمَّلَ الشَّرِيعَةَ عَلِمَ بِالِاضْطِرَارِ صِحَّةَ هَذَا فَالْأَمْرُ الْمُحْتَالُ بِهِ صُورَتُهُ صُورَةُ الْحَلَالِ، وَلَكِنْ لَيْسَ حَقِيقَتُهُ وَمَقْصُودُهُ ذَلِكَ، فَيَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ بِمَنْزِلَتِهِ فَلَا يَكُونُ حَلَالًا فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْحَلَالِ فَيَقَعُ بَاطِلًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَالْأَمْرُ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ حَقِيقَتُهُ حَقِيقَةُ الْأَمْرِ الْحَرَامِ لَكِنْ لَيْسَتْ صُورَتُهُ صُورَتَهُ فَيَجِبُ أَنْ يُشَارِكَ الْحَرَامَ لِمُوَافَقَتِهِ لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنْ خَالَفَهُ فِي الصُّورَةِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ إذَا تَأَمَّلْت عَامَّةَ الْحِيَلِ وَجَدْتهَا رَفْعًا لِلتَّحْرِيمِ]
الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: إنَّك إذَا تَأَمَّلْت عَامَّةَ الْحِيَلِ وَجَدْتهَا رَفْعًا لِلتَّحْرِيمِ أَوْ الْوُجُوبِ مَعَ قِيَامِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلْوُجُوبِ أَوْ التَّحْرِيمِ فَتَصِيرُ حَرَامًا مِنْ وَجْهَيْنِ. مِنْ جِهَةِ أَنَّ فِيهَا فِعْلَ الْمُحَرَّمِ وَتَرْكَ الْوَاجِبِ.
وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مَعَ ذَلِكَ تَدْلِيسٌ وَخِدَاعٌ وَخِلَابَةٌ وَمَكْرٌ وَنِفَاقٌ وَاعْتِقَادٌ فَاسِدٌ وَهَذَا الْوَجْهُ أَعْظَمُهَا إثْمًا فَإِنَّ الْأَوَّلَ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الْعُصَاةِ وَأَمَّا الثَّانِي فَبِمَنْزِلَةِ الْبِدَعِ وَالنِّفَاقِ. وَلِهَذَا كَانَ التَّغْلِيظُ عَلَى مَنْ يَأْمُرُ بِهَا وَيَدُلُّ عَلَيْهَا مَتْبُوعًا فِي ذَلِكَ أَعْظَمَ مِنْ التَّغْلِيظِ عَلَى مَنْ يَعْمَلُ بِهَا مُقَلِّدًا، فَأَمَّا إذَا عَمِلَ بِهَا مُعْتَقِدًا جَوَازَهَا فَهَذَا هُوَ النِّهَايَةُ فِي الشَّرِّ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ أَيُّوبَ لَوْ أَتَوْا الْأَمْرَ عَلَى وَجْهِهِ كَانَ أَهْوَنَ عَلَيَّ وَإِنْ كَانَ الْمُجْتَهِدُ مَعْذُورًا إذَا اسْتَفْرَغَ وُسْعَهُ فِي طَلَبِ الْحَقِّ فَذَاكَ مِنْ بَابِ الْمَانِعِ لِلُحُوقِ الذَّمِّ وَإِلَّا فَالْمُقْتَضِي لِلذَّمِّ قَائِمٌ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ، إذَا خَفِيَ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ مَا فِي الْفِعْلِ مِنْ الْقُبْحِ كَانَ ذَلِكَ مُؤَكِّدًا لِإِيضَاحِ قُبْحِهِ وَهَذَا الْوَجْهُ مِمَّا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ أَبُو طَالِبٍ سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَهُ رَجُلٌ فِي كِتَابِ الْحِيَلِ إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ أَمَةً فَأَرَادَ أَنْ يَقَعَ بِهَا يُعْتِقُهَا ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: بَلَغَنِي أَنَّ الْمَهْدِيَّ اشْتَرَى جَارِيَةً فَأَعْجَبَتْهُ فَقِيلَ لَهُ أَعْتِقْهَا وَتَزَوَّجْهَا فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَعْجَبَ هَذَا أَبْطَلُوا كِتَابَ اللَّهِ وَالسُّنَّةَ جَعَلَ اللَّهُ عَلَى الْحَرَائِرِ الْعِدَّةَ مِنْ جِهَةِ الْحَمْلِ فَلَيْسَ مِنْ امْرَأَةٍ تَطْلُقُ أَوْ يَمُوتُ زَوْجُهَا إلَّا تَعْتَدُّ مِنْ جِهَةِ الْحَمْلِ فَفَرْجٌ يُوطَأُ يَشْتَرِيهِ ثُمَّ يُعْتِقُهُ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute