للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى ذَلِكَ إذْ الْأَصْلُ رِضَاهُ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْحَدَّ وَعَقَدَ الْأَنْكِحَةَ مَنْ رَضِيَ الْإِمَامُ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ إذْنِهِ عَلَى أَكْثَرِ أُصُولِنَا فَإِنَّ الْإِذْنَ الْعُرْفِيَّ عِنْدَنَا كَاللَّفْظِيِّ، وَالرِّضَا الْخَاصُّ كَالْإِذْنِ الْعَامِّ.

فَيَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَأْكُلَ طَعَامَ مَنْ يَعْلَمُ رِضَاهُ بِذَلِكَ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمَوَدَّةِ، وَهَذَا أَصْلٌ فِي الْإِبَاحَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالْوِلَايَاتِ لَكِنْ لَوْ تَرَكَ الْقِسْمَةَ وَلَمْ يَرْضَ بِالِانْتِهَابِ إمَّا لِعَجْزِهِ أَوْ لَأَخْذِهِ الْمَالَ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَوْ أَجَازَ الْقِسْمَةَ فَهُنَا مَنْ قَدَرَ عَلَى أَخْذِ مَبْلَغِ حَقِّهِ مِنْ هَذَا الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ مَالِكِيهِ مُتَعَيِّنُونَ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْوَرَثَةِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ انْتِفَاءُ الْمَفْسَدَةِ مِنْ فِتْنَةٍ أَوْ نَحْوِهَا.

وَتُرْضَخُ الْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ، وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَالْأُصُولِ كَمَنْ يَرْضَخُ لِمَنْ لَا سَهْمَ لَهُ مِنْ النِّسَاءِ أَوْ الْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ وَتَجُوزُ النِّيَابَةُ فِي الْجِهَادِ إذَا كَانَ النَّائِبُ مِمَّنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ وَالطِّفْلُ إذَا سُبِيَ يَتْبَعُ سَابِيَهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَإِنْ كَانَ مَعَ أَبَوَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَلِأَحْمَدَ نَصٌّ يُوَافِقُهُ وَيَتْبَعُهُ أَيْضًا إذَا اشْتَرَاهُ وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الطِّفْلِ إذَا مَاتَ أَبَوَاهُ أَوْ كَانَ نَسَبُهُ مُنْقَطِعًا مِثْلُ كَوْنِهِ وَلَدَ زِنًا أَوْ مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ وَقَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ

[بَابُ الْهُدْنَةِ]

ِ وَيَجُوزُ عَقْدُهَا مُطْلَقًا وَمُؤَقَّتًا وَالْمُؤَقَّتُ لَازِمٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ مَا لَمْ يَنْقُضْهُ الْعَدُوُّ وَلَا يُنْقَضُ بِمُجَرَّدِ خَوْفِ الْخِيَانَةِ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ، وَأَمَّا الْمُطْلَقُ فَهُوَ عَقْدٌ جَائِزٌ يَعْمَلُ الْإِمَامُ فِيهِ

بِالْمَصْلَحَةِ.

وَسُئِلَ أَبُو الْعَبَّاسِ: عَنْ سَبْيِ مَلَطِيَّةَ مُسْلِمِيهَا وَنَصَارَاهَا فَحَرَّمَ مَالَ الْمُسْلِمِينَ وَأَبَاحَ سَبْيَ النَّصَارَى وَذُرِّيَّتَهُمْ وَمَالَهُمْ كَسَائِرِ الْكُفَّارِ إذْ لَا ذِمَّةَ لَهُمْ وَلَا عَهْدَ لِأَنَّهُمْ نَقَضُوا عَهْدَهُمْ السَّابِقَ مِنْ الْأَئِمَّةِ بِالْمُحَارَبَةِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَمَا فِيهِ الْغَضَاضَةُ عَلَيْنَا وَالْإِعَانَةُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَعْقِدُ لَهُمْ إلَّا مَنْ عَنَّ قِتَالُهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ.

وَهَؤُلَاءِ التَّتَرُ لَا يُقَاتِلُونَهُمْ عَلَى ذَلِكَ بَلْ بَعْدَ إسْلَامِهِمْ لَا يُقَاتِلُونَ النَّاسَ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلِهَذَا وَجَبَ قِتَالُ التَّتَرِ حَتَّى يَلْتَزِمُوا شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ مِنْهَا الْجِهَادُ وَالْتِزَامُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِالْجِزْيَةِ وَالصَّغَارِ، وَنُوَّابُ التَّتَرِ الَّذِينَ يُسَمَّوْنَ الْمُلُوكَ لَا يُجَاهِدُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَهُمْ تَحْتَ حُكْمِ التَّتَرِ وَنَصَارَى مَلَطِيَّةَ وَأَهْلُ الْمَشْرِقِ وَيَهُودُهُمْ لَوْ كَانَ لَهُمْ ذِمَّةٌ وَعَهْدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>